للطبيعة جمالها وللفن جماله، وقد بذلت مساع كثيرة لإيضاح الفرق بين الجمال الفني والجمال الطبيعي؛ لكن نظرية (سيجنرجروس كثيرة الأنصار اليوم، وهي تقول: (إن الطبيعة تمد الفنان بالمواد الأولية فقط، وان الشعور بجمال الطبيعة هو مبدأ التدرج الفني، وان عقل الفنان موجد الترتيب والتناسب في الطبيعة المهوشة، وان الناس جميعهم قادرون على إيجاد هذا الترتيب ولكن بدرجة محدودة. أما الفنان فيظهر هما اكثر جمالا وكمالا، الفنان قوي الإحساس يستطيع أن يصنع الجمال الذي يحسه، الاحساس جزء من الصنعة).
ويقول جروس:(إذا كان الفنان يصنع جمال الطبيعة بشعوره به، وإذا كان من الممكن أن يتولد هذا الجمال بعمل عقله، يكون جمال الطبيعة حينئذ من نفس الجمال الذي يظهر في فنه، ثم إذ ظهر لنا أن فن الفنان يختلف عن جمال الطبيعة فما ذلك إلا لأننا أنفسنا لم ننظر جمال الطبيعة كما نظره الفنان. ولأننا لم نحول كل التهويش إلى ترتيب. واعلم إن هذا الاختلاف بين عمل الفن وعمل الطبيعة ليس اختلاف نوع بل اختلاف قدر، وانه لا اختلاف في الحقيقة بين جمال الطبيعة وجمال الفن لا في النوع ولا في القدر. إن ما يصنعه الفنان يرى، وما يراه يصنعه، كل الجمال فني، وان حديثك عن جمال طبيعي حديث خرافات).
رغما عن (جروس) وكل حذقه وما في نظريته المتطرفة من حق لا يمكن أن نعتقد أننا نصنع الجمال حينما نراه، وان الفنان يصنعه حينما يحسه، ولن نعتقد إن الجمال الذي يصنعه هو من نفس طبيعة الجمال الذي شعر به، ولا هوـ مثلنا ـ يقدر الجمال الذي يحسه حق قدره لأنه يعلم إن لابد له من صنعه، وانه شئ مستقل عن نفسه. الفن ليس اكثر من تأثر عقل الفنان
بجمال الطبيعة، وعلى قدر ما في العمل الفني من عاطفة وإحساس يكون ما فيه من جمال.