للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الدفاع عن الثقافة العربية]

للأستاذ عمر حليق

- ١ -

ليست الثقافة العربية وحدها مهددة (بأدب اللذة) و (أدب المجون) الذي أصبح يؤلف الجزء الأكبر من الثقافة الأمريكية المعاصرة وبفرض ديكتاتورية على الثقافات الأخرى في مواصلات فكرية سريعة أسبابها مثقفة وأساليبها على غاية من الدهاء الحذق لأنها مستمدة من أحدث ما أنتجه علم النفس وعلم النفس الاجتماعي من دراسات نظرية وتطبيقية.

فلئن دوت في العالم العربي الآن صرخات لمقاومة هذا التحدي الثقافي الذي أعرب عن خطورته على الأخلاق والفضيلة لجماعة كبار العلماء وعن إفساد للذوق والإنتاج الأدبي كتاب لهم في حاضر الأدب العربي مكانة ونفوذ كالأستاذ الزيات - لئن دوت في العالم العربي هذه الصرخات فما ذلك إلا لأن ذيول هذا الاتجاه قد تخطت نطاق الحلقات الخاصة من أهل الأدب والفن إلى المجامع العامة فأخذ ينفذ إلى صلب التكوين العقلي والنفساني لجمهرة القراء والكتاب، ويترك أثره السيئ في صميم الأوضاع السياسية والاجتماعية للشعب الغربي بالإضافة إلى تعريضه تراث الثقافة العربية العريقة لفقدان ما حافظت عليه من مقدمات أصيلة أكسبتها هذه المكانة التي تحتلها بين ثقافات الأمم.

والذي يعيننا من هذه الكلمة دراسة عناصر الثقافة الأمريكية المعاصرة فهي المسؤولة عن هذا التحدي الذي تواجهه الفضيلة والفن في العالم العربي، فهذه العناصر هي المصدر الرئيسي للدكتاتورية التي تفرضه على الثقافات والاتجاهات الفكرية الأخرى (هوليود) وآلة دعايتها الجبارة التي من (دواعيها عامية الذهن وسطحية الفكرة وسآمة الجد). . ومن دواهيها أنها تلفظ أهلها على ساحل الحياة فلا يخوضون العباب ولا يغوصون على الجوهر، وتدفعهم إلى هامش الوجود فلا يكون لهم في متنه مكان مرموق ولا شأن يذكر)

وليست المسألة قضية (جمود) و (رجعية) و (محافظة) فأن هذه الكلمات على ما لها من مكانة أصيلة في التكاتل الاجتماعي أصبحت الآن كالجذام يتجنب الناس لمسها والاقتراب منها، إنما القضية تتعلق بتراث عريق يقف موقفها سلبياً إزاء أخطار تهدد أسسه وتدفعه إلا الانحطاط: وتلفظ أهله على ساحل الحياة).

<<  <  ج:
ص:  >  >>