لابد لتفسير الآيات الكريمة التي افتتحت بها سورة الروم من مقدمة تاريخية تبين الحوادث التي أشارت إليها هذه الآيات.
- ١ -
كان غربي آسيا، في جملته، متنازعاً بين الدول الفارسية المختلفة التي قامت في إيران وبين الدول الأوربية التي مدت سلطانها إلى آسيا. وقد استمر النزاع في هذه البقاع قروناً كثيرة أكثر من ألف عام.
فدولة الأكمينيين، الدولة الفارسية الأولى التي أقامها كورش في منتصف القرن السادس قبل الميلاد وأزالها الإسكندر المقدوني حوالي سنة ٣٣٠ ق. م، هذه الدولة نازعت دولة اليونان حقباً، وحروب دارا وخلفائه في آسيا الصغرى وبلاد اليونان معروفة مشهورة.
والدولة الأشكانية التي نشأت في إيران بعد الإسكندر حاربت الرومان في هذه البقاع عصوراً طويلة.
والدولة الساسانية التي قامت في إيران سنة ٢٢٦م وبقيت حتى أزالها الفتح الإسلامي نازعت الرومان ودولة الروم الشرقية التي تسمى الدولة البيزنطية ودام بينهما النزاع إلا فترات قصيرة حتى زالت الدولتان كلتاهما عن آسيا بالفتوح الإسلامية.
- ٢ -
والحادثات التي تشير إليها فاتحة سورة الروم هي خاتمة الجلاد الطويل والحروب المتمادية بين الدولتين.
وخلاصة هذه الحادثات على طولها واضطرابها فيما يأتي:
كسرى برويز حفيد كسرى أنو شروان، من أعظم ملوك الفرس وهو آخر ملوكهم العظام، ولي الملك سنة ٥٩٠م بعد قتل أبيه هرمزد أثناء ثورة قائد فارسي عظيم اسمه بدام جوبين.