كلا ليس بهذا بمنطق ولا حق، بل الحق هو إن الحكم العدل هو الذي يجب عليه أن يتتبع حقائق القضايا ويرسل رجاله ورجال صحافته ليعرفوا ويسألوا، ويجب عليه أن يطالب المقيمين من أهله في بلادنا أن يقولوا الحق غير متجانفين ولا باغين ولا تابعين للأهواء والعصبيات، وأن يتولى هو وصحافته بيان الحق في ذلك كله حتى يستطيع أن يحكم بالعدل، وإلا كان حكما لا يصلح للحكم.
أما دعاتنا الذين يحرضوننا على (الدعاية) لأنفسنا في بلاد الحكم العدل، فليعرفوا إن الصحافة هنا لن تقبل منا أن ننشر ما نشاء إلى أن ندفع عليه مالاً كثيراً، وهم ينشرون لنا على أنه (إعلان) لا أكثر ولا أقل، وإن القارئ سوف يقرؤه على إنه إعلان لا أكثر ولا أقل. فإذا كان لنا أن نرجو خيراً من الحكم العدل، فهو يوم يلين قلبه ويرق ويشعر إننا أهل لأن ترفع عنا المظالم، ويومئذ يرسل إلينا من يسألنا ويستخبرنا ويعود لقومه قضاة الحق أن أنصفوا مظلوماً طال ظلمه، وأما قبل ذلك فلا. وإن كان هذا لا يمنع أن نبذل الجهد ما نرجو أن يوقظ الحكم العدل من سباته الذي طال كما طال ظلمنا. وقبل ذلك فلنحذر أن نلوم أنفسنا على تقصير لم يكن، لأنه ليس تقصيراً بل هو معرفة للحقيقة الظاهرة وهي أن الحكم العدل لا يريد أن يكون معنا نحن العرب دون الناس جميعاً - حكماً عدلاً.