أعتقد أني لا أتجاوز الحقيقة حين أقول إن كلمات الأستاذ الزيات تنزل برداً وسلاماً على قلوب المخلصين للأزهر؛ وإنهم يرون فيها بريقاً من النور يضئ لهم سبيل الإصلاح فيما يبتغون للأزهر من إصلاح.
وللرسالة في الأمة المصرية وفي الشرق الإسلامي جميعاً مكانتها السامية الممتازة التي تجعل لكل ما تعالج من موضوعات أهمية خاصة، لا يستطيع أحد معها ألا يعطيها ما هي حقيقة به من التقدير والعناية
لذلك كانت دعوتها لإصلاح الأزهر جديرة بألا تمر كغيرها من دعوات الإصلاح، وكانت جديرة بأن يتجاوب صداها في أجواء الأزهر مدوياً عالياً، فيردده رجاله عارضين صوراً من أدوائه راجين أن تعالج علاجاً ناجعاً، حتى تنحسر عنه ولا تنتقل عدواها إلى أبنائه الناشئين.
الأزهر من غير شك محتاج إلى الإصلاح في كثير من نواحيه، والأزهريون الآن متطلعون إلى من يداوي ما يحسون به من علل ليست من صنيعهم ولا يد لهم فيها، وإنما انحدرت إليهم مع الزمن ميراثاً ثقيلاً؛ وما دامت النفوس مستعدة والنيات خالصة فسيأتي اليوم الذي ينفض فيه الأزهر عن نفسه كل ما يشوه جماله أو يسئ رسالته
وإن من البشائر التي تطمئن على نجاح هذا السعي ونفاذ هذه الدعوة إلى القلوب، اشتراك الأزهريين أنفسهم في معالجة هذه العيوب ومحاولة التخلص منها؛ ولن يقدر أحد على إصلاح الأزهر كما يقدر عليه أبناء الأزهر؛ فقد حاولت ذلك حكومات فيما مضى فلم يتأت لها ما تأتى لابنه البار (محمد عبده) ولم يقدر أحد على ما قدر عليه في هذا الشأن مع ما وضع في سبيله من عراقيل وما أرجف به عليه من ترهات وأكاذيب؛ لأن دعوة الحق لابد أن تجد سميعاً ولا بد أن تتغلغل في النفوس وأن ينصرها - من حيث لا يشعر - أولئك الذين يعملون جاهدين على كيدها والصد عنها، ودعوات الإصلاح يخدمها خصومها كما يخدمها أنصارها
وها قد أصبح يؤمن بمبادئ الأستاذ الإمام ويتتبع مناهجه، ويدل بذلك حتى صار من فخر