إن بعض الحوادث في حياة الرجل لتنزل منزلة الآية المحكمة: ننسخ ما كان قبلها، ثم يأتي بعضها كالقنبلة: تخسف الأرض أمامه فلا يرى إلا هوة وغبارها، فإذا تلاحقا لم يدري المرء ما يستدبر من أمره ولا ما يستقبل، وإنما هو الحيرة والظلال والرعب، والتردي كلما أقدم أو أحجم. . . بلى، إن علينا أن نصارع الحياة بالقوة، وأن نداورها بالحيلة، حتى نخلص إلى الأرض المطمئنة، ولكن هل يستطيع أحدنا بعد ذلك أن يصل إلى هذه الأرض؟! لولا أن اليأس هو باب الموت، لكان هو - في الحقيقة - إحدى الراحتين. . .
كتب
ولنعد. . . أصدرت المطابع المصرية في الأسابيع الماضية طائفة كثيرة من الكتب العربية، بعضها لأصحابنا من المعاصرين، وبعضها مما أنقذه المعاصرون من المكتبة العربية المدفونة في خزائن الكتب، فنحن نختار من هذه الكتب ثلاثة يجرى الحديث فيها مجرى واحداً في الغرض الذي نرمي إليه، وهي كتاب:(التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية) وهو دراسات لكبار المستشرقين مثل: بكر، وجولد تسيهر، ونلينو، ومايرهوف. ترجمها إلى العربية الأستاذ عبد الرحمن بدوي؛ وكتاب (الرسالة) لإمام المذهب محمد بن إدريس الشافعي. نشره العالم المحدث الثقة الشيخ أحمد محمد شاكر، وكتاب (الذخيرة) لأبي الحسن علي بن بسام، نشرته كلية الآداب مستعينة بمراجعة الأساتذة محمد عبده عزام، وخليل عساكر، وبخاطره الشافعي؛ وأشرف على عملهم أساتذة الجامعة: أحمد أمين، ومصطفى عبد الرازق، وعبد الحميد العبادي، وعبد الوهاب عزام، وطه حسين
وهذه الكتب الثلاثة لا يجمعها باب واحد من حيث موضوعها، فالأول آراء للمستشرقين في فروع من الحضارة العربية والآراء الإسلامية، ورسالة الشافعي هي أصل علم (أصول الشريعة). والثالث في تاريخ الأندلس، وشعرائها، وبلغائها، وكتابها. فالذي حملنا على جمعها في باب واحد من كلامنا هو الرأي في المستشرقين، وما يجب علينا أن نتابعهم عليه، وما ينبغي لنا أن نحذره منهم