للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٣ - الفارابي في العالم الإسلامي وفي أوربا]

بمناسبة مرور ألف عام على وفاته

للأستاذ ضياء الدخيلي

قال الغزالي (المتوفى سنة ٥٠٥ هـ الموافقة سنة ١١١١ م) في كتابه تهافت الفلاسفة: ثم المترجمون لكلام أرسطا طاليس لم ينفك كلامهم عن تحريف وتبديل محوج إلى تفسير حتى أثار ذلك أيضا نزاعا بينهم، ن وأقوامهم بالنقل والتحقيق من المتفلسفة في الإسلام الفارابي أبو نصر وابن سينا، فنقتصر على إبطال ما اختاروه ورأوه الصحيح من مذهب رؤسائهم في الضلال فإن ما هجروه واستنكفوا من المتابعة فيه لا يتمارى في اختلاله، ولا يفتقر إلى نظر طويل في إبطاله.

وقال الغزالي في (المنقذ من الضلال): رد أرسطاطاليس على أفلاطون وسقراط ومن كان قبله من الإلاهيين ردا لم يقصر فيه حتى تبرأ من جميعهم إلا أنه استبقى أيضا من رذائل كفرهم بقايا لم يوفق للنزوع عنها فوجب تكفيرهم وتكفير متبعيهم من المتفلسفة الإسلاميين كابن سينا والفارابي وأمثالهما. . . على أنه لم يقم بنقل علم أرسطاطاليس أحد من المتفلسفة الإسلاميين كقيام هذين الرجلين وما نقله غيرهما لا يخلو من تخبط وتخليط يتشوش فيه قلب المطامع حتى لا يفهم وما لا يفهم كيف يرد أو يقبل؟ ومجموع ما صح عندنا من فلسفة أرسطاطاليس بحسب نقل هذين الرجلين ينحصر في ثلاثة أقسام: قسم يجب التفكير به، وقسم يجب التبديع به، وقسم لا يجب إنكاره أصلا فلنفصله.

فترى الغزالي في التهافت قد أثنى على ما نقه الفارابي من فلسفة أرسطو ووسمه بالاستقامة، وفي المنقذ كفره مع إطرائه جهوده في النقل.

ومن المنتظر أن لا يعف عن الطعن في أبي نصر وفلسفته من اتبع خطوات الغزالي وسار في ركابه كابن العماد الحنبلي الذي حمل عليه في (شذرات الذهب) مقتطفا كلمات للغزالي دعم بها هجومه على هذا الفيلسوف الجليل فقال عنه الفارابي ذو المصنفات المشهورة في الحكمة والمنطق والموسيقى التي من ابتغى الهدى فيها أضله الله. وكان مفرط الذكاء، وقال ابن الأهدل قيل هو أكبر فلاسفة المسلمين لم يكن فيهم من بلغ رتبته وبه أي بتأليفه تخرج ابن سينا. وكان يحقق كتاب أرسطاطاليس وكتب عنه في شرحه سبعين سفرا ولم يكن في

<<  <  ج:
ص:  >  >>