تدب الحياة في حي الملاهي بعد الساعة الثامنة مساء فتشتد فيه الحركة وتتلألأ الأنوار الملونة في جميع أرجائه، منها ما يشير إلى الإعلان، ومنها ما هو خاص بلافتات المحال التجارية، ومنها ما يدل على الملاهي والمراقص، ويضاف إلى ذلك أنوار السيارات التي تخترق الشوارع طولا وعرضا. . . هذه هي أنوار الأرض الاصطناعية.
وأما في السماء فتنتشر النجوم الساطعة منها ما يلتقي شرفا بأضواء لبيوت الجبال الشاهقة فتهبط وإياها برفق على السفوح وتتملك المرء الحيرة في أمر هذه السماء التي تشبه ستارا من نور ينسدل على الأرض.
وذهبت ذات ليلة مع صديق إلى مرقص يقع في هذا الحي لنرفه عن نفسنا قليلا ولنمتع النظر بالمشاهد الفنية التي تقوم بها الراقصات اليونانيات والإيطاليات والمجريات وغيرهن.
وبعد أن أتمت الراقصات أدوارهن انتشرن حول الموائد وأخذن يتحككن بالحضور ويطلبن منهم السماح لهن بمجالستهم ومداعبتهم لقاء (كأس) من الخمر فقط.
ولا أدري كيف جلست مارجو إلى مائدتنا كما أنني لا أدري من الذي دعاها إلى مشاركتنا مسرتنا. . . وأخذت مكانها بيني وبين صديقي وصفقت بيديها طالبة من الخادم كأسا من الويسكي.
والراقصة مارجو هذه في الثلاثين من عمرها جميلة الصورة، وشعرها أقرب إلى لون الخرنوب منه إلى السواد، وعيناها ترسلان إشعاعا ساخرا، وفمها عنابي صغير الحجم، وشفتاها منفرجتان قليلا، وأنفها معتدل جميل الهندسة، وهي على الجملة ضحوك لعوب سريعة التعرف إلى الناس.
وعكفت مارجو تحدثنا دون تكلف وتمازحنا وتماجننا وتروي لنا النكت بلغة عربية مشوهة يلذ للمرء أن يستمع إليها طويلا.
ثم صفقت بيديها ثانيا وطلبت كأسا أخرى من الويسكي واستمرت مارغو تروي لنا النكت