للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حقوق الإنسان في هيئة الأمم]

للأستاذ عمر حليق

سنتان والنقاش مستمر في هيئة الأمم المتحدة حول إقرار ميثاق لحماية حقوق الإنسان.

وأمام الجمعية العمومية بباريس الآن اقتراحات بعضها مشوه وبعضها متناقض في مبادئ أساسية في تقرير الحرية والحقوق والواجبات التي لابد منها لكل ميثاق يوضع لحماية حقوق الفرد نحو الفرد والفرد نحو المجتمع، والفرد نحو الدولة والدولة نحو الفرد. ولا تزال هذه الحقوق موضوع بحث ومناقشة وتعديل في لجنة حقوق الإنسان التي أسسها المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة في أواخر عام ١٩٤٦.

وفي خضم الجدل السياسي العنيف الذي يشوب اجتماعات الأمم المتحدة يكاد مشروع ميثاق حقوق الإنسان لا يجد من ألسنة الرأي العام من ينوء به ويشير إليه بما يستحقه. ذلك لأن إقرار ميثاق عالمي لحماية الحرية والحقوق والواجبات سيكون معلمة خالدة من معالم الحضارة المعاصرة.

ولكن روح السخرية التي جلبتها هيئة الأمم المتحدة على نفسها بعد مهازلها السياسية في فلسطين وإندونيسيا وحيدر أباد وكشمير واليونان وكوريا وغيرها جعلت مجهود الأمم المتحدة في سبيل هذا الميثاق لوناً من ألون الجدل البيزنطي العقيم.

على أن الآراء التي أبداها مندوبو الثماني عشرة دولة التي تؤلف لجنة حقوق الإنسان فيها طرافة وانعكاسات عميقة في ناحية مهمة من نواحي التفكير والاتجاهات والمذاهب السياسية والاقتصادية المعاصرة. وسأحاول هنا أن أعرض بعض هذه الآراء وطرفاً من الجدل الذي احتدم حولها بين مندوبي هذه الدول. أمام اللجنة الدولية التي وكل إليها وضع ميثاق حقوق الإنسان صيغة تحضيرية لا يزال المندوبون يتناولونها فقرةً فقرة بل كلمةً كلمة.

خذ مثلاً المادة الثانية التي تنص على أن لكل فرد الحق في جميع ما ينص عليه الميثاق من حقوق وواجبات (بدون تمييز في الجنس واللون واللغة والعقيدة والمذهب السياسي ومميزات الثروة أو العراقة أو المحتد.

هذه المادة كانت موضوع جدل عنيف جداً؛ لأن مندوب الاتحاد السوفييتي أصر على إدخال

<<  <  ج:
ص:  >  >>