(إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد
ولا لحياته)
(حديث شريف)
حسبنا أن يكون في ذلك دليل مفحم للذين يتقولون القول وينسبون إلى الكواكب سعادة قوم وشقاء آخرين، وهي بريئة من هذا وذاك. ولكن أنى لنا أن نقنعهم وفريق يتخذها وسيلة للكسب، وفريق آخر يتخذها رجاء وسلوة.
لقد انقضى ذلك العهد الذي حسب الناس فيه أن بين الكواكب وبين الأفراد والشعوب في سعادتهم أو شقوتهم وانتصارهم أو هزيمتهم ارتباطاً. وتقدمت الدراسات الفلكية في القرنين الماضيين تقدماً عظيماً، وأصبح في استطاعة الفلكيين أن يقيسوا درجة حرارة النجوم كما يقيس الطبيب درجة حرارة المريض، واستبانوا أبعادها وأحجامها وأوزانها وتركيبها! ولم تعد الظواهر الفلكية منذرة بالحروب والبلاء، أو مبشرة بالسعادة والرخاء بل أصبحت تجربة علمية كبيرة تجربها الطبيعة فيستغلها العلماء إلى أقصى حد فيما لا يتيسر لهم تجربته على ظهر الأرض. فهناك مثلاً كثافة السديم نراها أدنى مليون مرة من كثافة أية مادة تصل إليها أيدينا بينما هي في بعض النجوم أعلى بمقدار مليون من كثافة أية مادة على الأرض! فليت شعري كيف يتسنى لنا أن نعرف طبيعة المادة من التجارب التي نجريها في المعمل ولا يزيد مدى كثافة المواد التي بين أيدينا على واحد في مليون المليون من المدى الكلي لكثافة المادة في الطبيعة؟؟
لقد أصبح من الصعب إيجاد الحد الفاصل بين أنواع العلوم الطبيعية؛ وتقدمت الاكتشافات العلمية وهي سلسلة الحلقات، فمن إلكترونات أقطارها كسور من ملايين الملايين من البوصة، إلى سدائم تقاس بمئات الآلاف من ملايين الملايين من الأميال! فكل زيادة في معلوماتنا الفلكية تزيد حتماً في معلوماتنا في الطبيعة والكيمياء والعكس بالعكس.