. . . غامت الدنيا في عينيه. . واكتفت سحب الشقاء حياته. . وضاقت دائرة وضاقت دائرة عيشه حتى كاد أن يهجر حياته. . وينتقل إلى حياة ثانية سعيدة هانئة أبدية. . شأن كل شخص يكرس وقته ويضحي بهجة عمره. . في سبيل وضع قصص وتأليف روايات. . حيث يعصر كل ما لديه من موهبة وعزيمة يقدمه إلى الجمهور كي يرضيهم. . ومن وراء هذه المهنة. . . كان يرتزق ما يسد رمقه ويسكن جوع أمه وذلك مدة خمسة وعشرين عاماً. وهو لا يفتأ يكتب للصحف دون أن يبتسم له السعد. . ودون أن يحالفه الحظ ليدفعه في عداد الكتاب المرموقين والمؤلفين المعدودين. ولكنه كان برضي بهذا اليسير وبحد الله على نعمائه. . ويشكره على ما أسبغ عليه. .
ولم يتركه الفقر بما هو عليه. . بل نشر سحابة على منزله الذي اختاره في أحد أحياء الفقراء المعوزين. . ولم يجد في حياته أحداً ليزيل عنه شبح الحاجة. . ويشاركه في حرمانه وشقائه سوى والدته العجوز التي أضناها الداء. . وأقعدها العجز.
هذه هي حياة (جان فينول) الكاتب الروائي الذي كان ينشر رواياته. لكنها لم تلق قبولاً حسنا بين الجمهور: إذ أنهم كانوا يجدونها فارغة جوفاء. . لا أثر للحياة فيها. . صامتة خرساء. . لا سبيل للعاطفة إليها. . خالية من الإبداع حتى أن رئيس تحرير أحد الصحف قال له ذات يوم: إن القراء ينكرون صدق عاطفتك. . وقوة وحيك. . وخصب خيالك. . فأرجو أن تمد قصصك ورواياتك من خيالك الواسع حتى تلبسها ثوباً قشيبا من البهجة والروعة. .
وسكت جان على مضض. . وقد تحير فيما يجيب. . إلا أنه أرسل زفرة حرى انبعثت من صميم فؤاده الملكوم. . وأخذ يحدث نفسه: إنني أعتقد بموهبتي أنها أرفع شأناً. . وأعظم قدراً من أن أكون واضع روايات ومؤلف قصص لإحدى الصحف) وخرج من عند رئيس