ذكرنا حديث الأستاذ البارع (الجاحظ) في الرسالة (٧٢٦) ص (٦٢٦) عن قصة هذا الغامية ذات العمى والبكم والصمم بمقال فائق للعلامة اللغوي الكبير الشيخ إبراهيم اليازجي ترجمته أو عنوانه (اللغة العامية واللغة الفصحى) كتبه سنة (١٩٠٢) مظهراً فيه نيات أبناء (جنبل) الخبيثات المخيفات ومذكراً ومنذراً. وقد رأيت أن أروي في (رسالة العربية) الهادية الكريمة جملاً من ذلك المقال المحقق المحكم وهو أكثر من ثلاثين صفحة. وليعلم من يتجاهل أو يجهل أن الذي نزل وحفظ قرآنه، حافظ أبد الأبيد لسانه.
قال الشيخ إبراهيم اليازجي:
(نشر بعضهم من سنوات رسائل متتابعة يدعو فيها علماء العربية وكتابها إلى استبدال اللغة العامية من اللغة الفصحى واعتمادها في الكتب والجرائد وغيرها ورسم لها حروفاً جديدة تكتب بها هي الحروف اللاتينية. . . وقد انتهي إلينا بعض ما نشره من تلك الوسائل وفيه أمثلة من حكايات وغيرها باللغة العامية المصرية كتبها بالحروف المذكورة فكانت نوعاً من الكرشوني.
وإذا قرئت جاء لفظها أشبه بلفظ رجل إفرنجي يتعلم العربية ولا سيما في أمر الحركات التي عبر عنها بأحرف المد فإذا نطق بها العربي توهم سامعه أن يقلد كلام أحد الإفرنج المقيمين في هذه الديار. وأغرب من ذلك أنه زعم أن تعلم هذه الحروف أسهل تناولا على الأمي من أبناء مصر وأنها أفضل ذريعة لتعميم القراءة في القطر. . .).
(. . . على أن الأمر طوى من ذلك الحين ولم يصادف من أحد اهتماماً إلى أن ظهر في هذه الأيام كتاب ألفه المستر (ولمور) أحد قضاة محكمة الاستئناف الأهلية عن الطريقة المذكور جمع فيه ما تسنى له من قواعد اللغة العامية المصرية على وجه يقرب من الأجنبي تناولها والتكلم بها. . .
(. . ولكن المؤلف وبعض إخوانه من علقوا التعاليق وممن قرظوه في جرائدهم لم يقفوا عند هذا الغرض من صنيع المؤلف ولكنهم ذهبوا إلى ما وراء ذلك من وجوب نسخ اللغة الفصحى في البلاد وإحلال اللغة العامية مكانها مع كتابتها بالحرف اللاتيني على مثل ما