خطر لي موضوع هذا المقال وأنا أقرأ ديواناً من الشعر الحزين الرصين أهداه إلى الشاعر عزيز بك أباظة
وكثير من الناس لا يعرفون شيئاً عن قصة هذا الشاعر، ولا قصة ديوانه الجديد الذي أتحف به باب المرائي في الشعر العربي
أما الشاعر فقد سمعت عنه من بعض أفراد أسرته الكريمة فقلت في نفسي: قريب يحابى قريباً، ونسيب يزكي نسيباً؛ ولكنني لما قرأت ديوان، استصغرت ما سمعت من الأخبار
وأما قصة الديوان، فهي قصة الدموع والأحزان والهموم والآلام نظمها الشاعر في سلك وأهداها إلى من يجدون فيدموع غيرهم شفاء لغليلهم، وراحة لصدورهم
والديوان كله دموع ذرفها الشاعر على زوجته التي اختطفها الموت أنضر ما تكون شباباً. وكل بيت من الديوان يحمل ذكرى. وكل قصيدة تحمل أثراً
وهذا شيء جديد في الأدب العربي؛ فما رأينا قبل اليوم - فيما نعلم - شاعراً عربياً اختص زوجته بديوان كامل من شعره يقدمه تذكاراً لأيام سعيدة وبشاشات من العيش مضت إلى غير رجعة
وأكثر المراثي في الأدب العربي هي من الرجال إلى الرجال؛ اللهم إلا مراثي الخنساء لأخويها صخر ومعاوية وأولادها الأربعة. فهي هنا الشاعرة الوحيدة التي تفردت بالبكاء حياتها.
ورثاء الرجال للنساء في الشعر العربي قليل، وأقل منه رثاء الرجال لزوجاتهم. ولعل ذلك محمول على المحافظة على صيانة المرأة وبعدها أن يكون أسمها مضغة في الأفواه، وسيرة على الألسنة.
وليس في ذلك مناقضة لورود المرأة في شعر الغزل؛ فإن موضوع الغزل ليست محرما للرجل وليست من أهله، ولا يعيب الرجل أن يتحدث الناس عنها. أما الزوجة المرثية، فهي لزوجها أهل وأم أبناء، فيجد من الحرج أن يذكرها في شعره حتى ولو كان ذلك في