للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[هكذا قال زرادشت]

للفيلسوف الألماني فردريك نيتشه

ترجمة الأستاذ فليكس فارس

- ٢ -

وما فرغ زارا من كلامه حتى ارتفع صوت من الحشد قائلا (لقد كفانا ما سمعنا عن البهلوان، فليبرز لنا الآن لنراه)

فضحك الجميع مستهزئين بزارا، وتقدم البهلوان ليقوم بألعابه وهو يعتقد أنه كان موضوع الحديث.

- ٤ -

وبهت زارا مجيلا أنظاره في القوم، ثم قال:

ما الإنسان إلا حبل منصوب بين الحيوان والإنسان الكامل فهو الحبل المشدود فوق الهاوية

إن في العبور للجهة المقابلة مخاطرة، وفي البقاء وسط الطريق خطرا، وفي الالتفات إلى الوراء وفي كل تردد وفي كل توقف خطر في خطر

إن عظمة الإنسان قائمة على أنه معبر وليس هدفا، وما يستحب فيه هو أنه سبيل وأفق غروب

إنني أحب من لا غاية لهم في الحياة إلا الزوال، فهم يمرون ما وراء الحياة، أحب من عظم احتقارهم لأنهم عظماء، المتعبدين يدفعهم الشوق إلى المروق كالسهام إلى الضفة الثانية

أحب من لا يتطلبون وراء الكوكب معرفة ما يدعو إلى زوارهم أو ما يهيب بهم إلى التضحية، لأنهم يقدمون ذاتهم قربانا للأرض، لتصبح هذه الأرض يوما ميراثا للإنسان الكامل

أحب من يعيش ليتعلم، ومن يتوق إلى المعرفة ليحيا الرجل الكامل بعده، فأن هذا ما يقصد طالب المعرفة من زواله

أحب من يعمل ويخترع ليبني مسكنا للإنسان الكامل فيهيئ ما في الأرض من حيوان ونبات لاستقباله. فان هذا ما يقصد طالب المعرفة من زواله

<<  <  ج:
ص:  >  >>