يقول الكهل الوقور محمد علي بخش رئيس الوزارة البهرية في وصف طائفته، إنها (طائفة تجارية) لا يحيد عن سبيل التجارة واحد من أبنائها، فإذا تنكب أحدهم هذه الطريق أو ضلّها، فلاذ بكرسي للحكومة، أو زاول حرفة من الحرف لم تكن التجارة جل همه منها، فقد انحرف عن تقاليد الطائفة، وعق ديانتها، ورماها في أمنع حصونها، فأصاب منها منازل القدسية والحرية والجاه
هي جماعة أقسمت مذ وضعت في كف الحياة كفها، ألا تعرف خفض العبودية ولا يعرفها رق هذا الزمان، وإنهما ليقتحمان كل شيء إلا هذه الأمة التي أجمعت على ألا يكون الوطن المقدس رقعة من الأرض يهون امتلاكها، ولا يعز اغتصاب ما فيها ومن فيها، بل هم استغنوا عن الوطن المقدس بالعهد المقدس أن يكون صغيرهم ابن كبيرهم، وكبيرهم أبا صغيرهم، وكل كبارهم أشقاء وكل صغارهم أشقاء، وأولئك وهؤلاء كأنما انتظم أرواحهم جميعاً سمط واحد من شعاع الشمس لا يقطع أبداً. وإذ كان لا بد لهذا الجوهر الأحد من معارف وبواطن تفرقُ بينه وبين سواه، فإن أجلى معارف البهري ابتعاده عن مخالطة أي امرئ من غير طائفته؛ ومعظم بواطنه الحب والمودة والأهبة الدائمة لمعاونة أخيه في مذهبه، دون تفريق بمختلف الأجناس والمراتب، فاستغنوا بقوادهم عن كل حاجة إلى سواهم، حتى (الحكومة) يعزفون عن أعمالها، ترفعاً بأنفسهم عن شعور الحاجة إليها يوماً من الأيام
يقدم البهري من أقاصي إفريقية على بمبي، فينزل من قلوب أبناء الطائفة هناك، منزلة من عاد إلى أمه وأبيه من سفر طويل، كل بيت من بيوتهم هو ملك يمينه حتى تقر نفسه وتذهب وحشته، فينفح بما يحتاج التجارة إليه من مال، يبدأ به عمله، فإذا لمح وجه الفشل، أسرع فوضع أمره بين يدي طائفته، فلا يكاد ذلك يضح لهم، حتى ينهالوا على بضاعته ابتياعاً، إلى أن تروج سوقه، وتبدو طلائع نجاحه، فلن تجده مهما نقبت عنه، ذلك البهري