قد يحدث أحياناً في جلسة خاصة لمناجاة الأرواح، حيث لا يحضر غير الوسيط وشخص آخر أو شخصان، أن روحاً مجهولة تتصل بالوسيط وتطلب منه إبلاغ رسالة أو تحية إلى أحد أقربائها الذين لا يزالون في قيد الحياة؛ وربما تذكر له أيضاً من هي وأين كانت تعيش. وقد يظهر أحياناً أن الروح تعثر على الوسيط مصادفة ثم تعجب لما تشعر به من قدرة على مخاطبته، فتبرهن بجلاء لا يقبل الجدل أنها روح حقيقة لإنسان ميت لا شخصية وهمية من اختلاق العقل الباطن
إن قصة (أرثر فريزر) التي نقصها عليك اقتبسناها من كتاب صدر حديثاً عنوانه: (إلى اللقاء لا وداعاً) تأليف (والتر بليارد) المحلف القضائي والمحافظ السابق لمدينة (شفيلد). أن هذا المؤلف كان يخاطب دائماً روح زوجته المتوفاة فتجيبه هي بلسان الوسيط، بنفس اللهجة التي كانت تتكلم بها في حياتها، وكانت تبرهن له على شخصيتها بالبراهين القاطعة. وكانت وهي على قيد الحياة تهتم بالأبحاث الروحية اهتماماً عظيماً، فكانت بالطبع مطلعة على الانتقادات التي توجه غالباً إلى مناجاة الأرواح، لذا كانت تحاول في كل مرة أن تقدم لزوجها عند مناجاتها براهين لإقناعه لا يمكن دحضها أو الشك فيها، إذ تأتيه بأرواح أشخاص لا يعرفهم هو ولا أحد من الحاضرين.
يحدثنا المؤلف فيقول: بعد أن أدينا التحيات المعتاد وعبارات المجاملة نحو زوارنا الذين هم وراء الغيب، جاءتنا روح غريبة تطلب الإذن منا بالحديث، ثم قالت إنها روح شاب اسمه (أرثرايم):
(مت منذ ثلاث سنوات بمرض ذات الرئة في مستشفى محلي، وكان عمري إذ ذاك ثلاثة وعشرين عاماً. وكنت أسكن في منزل رقمه ١٨ (كلايف رود)، وقد تركت حبيبة لي اسمها (مس كارول) وهي تسكن في رقم ٢٢٩ في (فلينت ستريت)، فأرجو منكم أن تخبروها بأني لست ميتاً وبلغوها عني سلام الحب فأني أظن ذلك يسرىّ عنها، ثم أرجو أن تخبروا والدي بأن أمي معي وهي تهدي إليه تحيتها القلبية. . .)