في موكب النصر والدنيا تموج بالبهجة، دعمي - يا سيدي - أتقدم فأنثر الزهر عند قدمي القائد المظفر تقديراً لفضله.
وفي فرحة الفوز والأرض تهتز حبوراً، دعني أشق زحمة الشعب الطروب لأرتل نشيد الروح بين يدي العبقرية السامية.
وفي نشوة الطرب والجموع الزاخرة تتدافع لدى بابك تهتف باسمك الحبيب، دعني أبلغ مجلسك لأوقع - لدى مسمعيك - لحن الخلود على قيثار قلبي، تحية للسمو والنبوغ.
فإذا بلغت مجلسك وحاولت أن أهنئك، فاضطرب لساني أو تعثر بياني، فلا تلمني - يا سيدي - لأن قلبي ينبض بالبهجة ويخفق بالسرور ويتألق بالإخلاص.
أتذكر - يا سيدي - يوم أن سكبت عبرات قلبي ولوعة فؤادي على قرطاس أبثك فيه همي حين رزئت بفقد المرحوم أمين عثمان. ثم هفت نفسي إليك فلقيتني بقولك:(مرحباً، بالرجل المخلص!)
فإن قصر القلم في التحية من رهبة الموقف، أو أرتج عليّ في التهنئة من روعة المجلس، فقل لي في هدوء الأب وعطفه (لا بأس عليك، فإنا أسمع نبضات قلبك وأشعر بخفقات فؤادك وألمس هزات روحك. . . أنت أيها الرجل المخلص!)
لا عجب، فأنت وحدك قد سموت إلى أكبر منصب في الدولة. . . سموت على جناحين من شبا اليراع وسنان القلم، على جناحين من نبوغ الأديب وعبقرية الفذ، على جناحين من إباء الشرف ونبل الكرامة.
وأنت وحدك قد ترفعت عن ترابية العقول الوضيعة وشمخت عن أرضية الأفكار السقيمة، التي سفلت فما استطاعت أن تبلغ شأوك وهو وعر، ولا أن ترقي إلى مكانك وهو سامق، فانحطت عنك فانفضت من خولك لتكون أنت وحدك العلم.
وأنت وحدك استعذبت الشدة تصرعها بقوة الايمان، واستمرأت الملمة تدهما بسيف العقيدة، لا يقعدك نقلب الدهر ولا تصرفك غير الزمن ولا يفزعك تفرق الإخوان، فكنت شديداً في الحق لا تلين، عنيفاً على الباطل لا تتساهل، صادقا في الجهاد لا تستقر.