للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

إلى حضرات الأساتذة الجامعيين:

هذه قضية الجامعة، قضية الكلية التي تغاضت عن رسالتها السامية وأغفلت مبادئها الجامعية فنسيت أنها خلقت لتعلم العلم والثقافة والحرية جميعا فجحدت حق رجل من المصريين فأهملت شأنه. . . رجل ليس مغمورا ولا نكرة ولا متخلفا في ركب الحياة، تخرج في مدرسة المعلمين العليا حين تخرج فلم يدع العلم ولا انصرف عن الكتاب فأصاب ثقافة عالية أخرى، نالها من طول ما قرأ ومن طول ما اطلع، ووصل أسبابه بأسباب الصحافة ينشر خواطر قلبه حينا وأفكار عقله حينا. وغير زمانا ثم ضاق بالوظيفة أو ضاقت هي به فتقدم إلى كلية من كليات الجامعة يطمح أن يكون طالبا بين شبابها بعد أن طوى عمر الشباب، فجاءه رد (المسجل) يقول (. . . ونأسف لعدم إمكان قبولكم بالقسم المذكور إذ أن القبول به قاصر على الطلاب الحاصلين على الشهادة التوجيهية. . .)

وخيل للرجل أن (المسجل) لا يملك أن يطرد طلبه على حين يقبل تلامذته فكتب إلى عميد هذه الكلية يقول (. . . ولقد رأيت في هذا الرد وثيقة علمية جامعية، وثيقة فريدة في بابها؛ وهي - إلى ذلك - ذات قيمة خاصة لي ولكل من توسوس له نفسه أن يلتحق بالجامعة طمعا في الاستزادة من العلم فحسب فأردت أن أنشرها أمامكم لأرى رأيكم)

ولبث الرجل حينا ينتظر رأي العميد، ولكن (صاحب السعادة) أصم أذنيه فلم يلق بالا إلى الأمر ولم يلق السمع إلى الشكوى. ولست أدري أكان ذلك سهوا منه أم إغفالا منه أم امتهانا لشأن الرجل الذي لم يعرفه بعد.

ورأيت أنا في هذا التعنت وهذا التغاضي ما يمس الروح الجامعية الحرة مسا عنيفا يشوه معاني الحرية والعلم التي اتسمت بها الجامعة منذ أن كانت. فأردت أن أجد الرأي الذي عزب عني في حضرات الأساتذة الجامعيين الإجلاء، وفي رأيي أنهم لن يضنوا بالرأي وهم قادة الرأي، ولا أن يبخلوا بالفتوى وهم نبراس الهدى.

وعجبت أن تقبل الكلية (الطلاب الحاصلين على شهادة التوجيهية) وترفض طالبا حصل على دبلوم المعلمين العليا، وأشكل على الأمر فخيل إلى أن دبلوم المعلمين العليا - في رأي الجامعة - أقل من شهادة التوجيهية. فبدا لي أن هذه المشكلة العلمية الجامعية مشكلة ذات

<<  <  ج:
ص:  >  >>