أخذت جماعة كبار العلماء تهتم بآمال الأمة المعقودة عليها، وتفكر في أن لها رسالة، وتنظر في الوسائل التي تؤدى بها هذه الرسالة.
أخذت الجماعة تفكر في هذا كله، وتهتم بهذا كله، فتؤلف له اللجان، وتضع له الخطط، وذلك على أثر الاقتراح الذي رفعه إليها حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير الشيخ محمود شلتوت بعد انضمامه أليها.
وكان من آثار ذلك أن الأمة أخذت تلتفت إلى هذه الجماعة وتنظر أليها بعين الرضا بعد أن كانت تنظر أليها شزراً، أخذت تدرك فائدتها وتستبشر خيراً بنهضتها المباركة، ورجا الناس أن يغفر التاريخ لها ما ضيعت من عمر طويل يربى على الثلاثين عاماً، وهي تغط في نوم عميق هادئ متصل، لا تكدر صفوه الأكدار، ولا تقطع اتصاله واطراده حوادث الليالي والأيام!
من الظواهر التي تدل على التفات الأمة لهذه الجماعة، ورضاها عن هذه النهضة، تلك الرسائل التي جعلت تتري على رياسة الجماعة، وأعضاء الجماعة: فهذه رسالة تحمل معاني الغبطة والسرور، وتتحمس في التأييد والتشجيع؛ وهذه رسالة تحث على تعجيل البر بهذه الأمة في دينها وفقهها، وعقائدها وعباداتها، ونظمها ومعاملاتها؛ وهذه رسالة تشفق على هذه الأغراض النبيلة من اللجان، وما ألف الناس من تواكلها وتناقلها، وموت المشروعات النافعة على أيديها؛ وهذه رسالة تتقدم باقتراحات تراها جديرة بالنظر والتنفيذ، أو بالشكوى من عيوب مختلفة تريد لها الإصلاح والتقويم. . . إلى غير ذلك
لقد لمست الأمة إذن في هذه الجماعة معنى جديداً، وأحست روحاً سرى في أعضائها فسرت به (الآمال)، وتجاوبت له أصداء النفوس بالمطالب والرغبات، وأصبح الناس يتطلعون إلى هذه الجماعة لتنقذهم مما هم فيه، ويرقبون على يديها إصلاح كثير من شئونها في دينها ونظمها وثقافتها، فإذا كنا نهنئ الجماعة الموقرة بهذه الثقة العظيمة من الأمة، فإننا نحمد الله قبل كل شيء على هذه الظواهر الكريمة التي تدل على حسن اتجاه الأمة إلى هذا الدين، وتلمسها الأسباب للعودة إلى أحضانه، والعمل بمبادئه، والاهتداء