إلى إخواني الذي حبوني بالمحبة والثقة على حين قد شطت
الدار وبعد المزار
(كامل)
قرأت في العدد ٦٨٠ من الرسالة الغراء رسالة من الأستاذ محمود الطاهر الصافي برمل الإسكندرية إلى يقول فيها (. . . وبعد فإني أعلم أنك كنت صديقاً لإمام الأدب وحجة اللغة، عبقرينا الرافعي - لهذا رأى أن اللغة العربية حقاً عليك تؤديه بعمل تنشر به للرافعي ذكراً جديداً، تلفت إلى أدبه (الباعث لأمة). وأقترح أن يكون هذا العمل كما يأتي:
أولاً: - جمع ما أثنى به الكتاب والعظماء على الرافعي، وهو شيء كثير يؤلف مجلداً ضخماً أو أكثر، وما رأيت أحداً أثنى عليه بمثله وفيه أبلغ القول وأجمله.
ثانياً: - جمع كل ما عرف له من شعر ونثر، والمبالغة في هذا الجمع حتى لا يلفت مما أثر عنه شيء.
ثالثاً: - السعي لإنشاء كرسي لأدبه في الجامعة، فما هو بأقل من شوقي، ولا منزلته بأقل من منزلته؛ بل له ميزة لم يشاركه فيها أحد، وهي إلزام نفسه بالا يكتب - وما أدراك ما كتابته إلا في مثل الشرق والإنسانية العليا).
هذا كلام قرأت فيه الروح الوثابة الطاهرة والغيرة الجياشة النقية، والعقل الحصيف والقلم الرصين. وقرأت فيه نداء حاراً قوياً يدفع إلى غاية سامية رفيعة. فشكرت لصاحبه غيرته على الأدب الرفيع أن تنطمس معالمه في ثنايا الزمن، وأثنيت على إشفاقه على حقبة من تاريخ العقل المبدع أن تلتف في مطاوي النسيان، وحمدت له الثقة الغالية التي حباني بها حين اختارني من بين صحاب الرافعي لأضطلع بهذا العمل الجليل، وهو عمل ينشط له القلب وتهفوا إليه الروح.
هذا وإن ما قيل في الرافعي - بعد وفاته - ينشطر إلى قسمين: ما قيل في الربوع المصرية، وأكثره بين أيدينا لا ينقصه إلا أشياء ضئيلة: لا يحتاج جمعها إلى عناء ولا