(الجامع الأزهر هو المعهد الديني العلمي الإسلامي الأكبر،
والغرض منه: (١) القيام على حفظ الشريعة الغراء أصولها
وفروعها، واللغة العربية، وعلى نشرهما (٢) وتخريج علماء
يوكل إليهم تعليم علوم الدين واللغة في مختلف المعاهد
والمدارس، وبلون الوظائف الشرعية في الدولة)
هذا هو نص المادة الأولى من قانون الأزهر الساري عليه الآن، وهو التعبير الصحيح عما تفهمه الأمة الإسلامية من مهمة هذا المعهد العتيق منذ إنشاء المعز لدين الله الفاطمي إلى هذا العهد الفاروقي السعيد، ثم إلى ما شاء الله من عهود.
وأقول:(التعبير الصحيح عما تفهمه الأمة الإسلامية من مهمته) لأني لا أريد أن أدخل في تصرف النيات التي كان يبطنها الحكام والمسلطون وتدل عليها سياساتهم وأفاعيلهم في توجيه أهله وتصريف شأنه.
ومن هذا النص الذي يفصح عما استقر في ضمير الأمة يتبين أن المهمة الأولى للأزهر هي القيام على هذا التراث الخالد الذي أورثناه إياه بناة مجدنا الأولون، والذي كنا به خير أمة أخرجت للناس، وأن تخرج هذا المعهد الإسلامي الأكبر للمسلمين أو القضاة أو الموظفين هو أمر يأتي في المرتبة الثانية.
وقد تقلبت على الأزهر في تاريخه الطويل أحوال ودول، فاستقام على السراط السوي أحيانا، وأنحرف عنه أحيانا، وكان تارة قويا غلابا يعرف رسالته، ويفرض إرادته، ويلون الحياة بلونه، ويحمل الحاكمين والمتسلطين على ما يرى في حزم وصرامة. وتارة ضعيفا عاجزا مناوبا على أمره، يمشي في ركاب غيره، ويستوحي خططه وصوره ممن لا يدركون رسالته، ولا يعبأون بأمره، بل لقد حفظ التاريخ فيما حفظ أن الزهر قد عطل