وهنا نجوى تبسط لنا شيئا من الحياة الزوجية، يرددها زوج يبكي فقد امرأته، وامرأته، كما يبدو، ما زالت روحها أتبع له من ظله. قال يناجيها:
(لماذا أشقيتني حتى غلبت عليَّ هذه التعاسة؟ ماذا صنعت حتى رفعتُ يدك علي دون أن أباديك بشيء؟ سأرفع دعواي لآلهة المغرب التسعة، حتى يفصلوا بيننا.
ماذا صنعت؟ كنت امرأتي حين كنتُ أخطر في برد الشباب ما أزعجتك وما مسستك بسوء. اذكريني عندما كنت عريفاً بين المحاربين في جيش فرعون، تركتهم لأجئ اليك. حاملا اليك منهم هدايا ثمينة، وأنا لم أَحفِ عنك سرا طيلة حياتك، ولم أدخل منزلا غير منزلك (بعد الطلاق). وعدما رهنوني في الموطن الذي أنا فيه الآن وجعلوا رجوعي اليك مستحيلا، أرسلت إليك زيتي وخبزي وأثوابي؛ ولم أبعث بها إلى أحد سواك. وعندما مرضتِ جئتك بطبيب، فوصف العلاج، وأتى بكل ما قلت عنه؛ وعندما وجب علىَّ أن أرافق فرعون في رحلته إلى الجنوب لبثت أفكاري متوزعة عندك، وقضيت ثمانية شهور حليف الأسى لا يلذ لي طعام، ولا يسوغ لي شراب. وبعد وفاتك عدتُ إلى ممفيس، ورجوت من فرعون الذهاب إلى بيتك، وهناك وقفت باكياً، وأسعفني أصحابي على البكاء، وأعطيتهم ثيابا للف جثمانك.
واليوم وقد تعاقب ثلاثة أعوام وأنا قابع في عزلتي، ما دخلت منزل أجد، ولا عرجت على أخت من الأخوات اللابثات في البيت).
ثم نشأت قصص صغيرة مشبعة بالروح الشعبية التي تجلت فيها، أضف إلى ذلك مقطوعات غزلية عاطفية، تمثل لنا الحياة الوجدانية والعقلية للمصريين القدماء. ومن هذه القطع مقاطيع بعنوان (أغاني لغبطة القلب) وهي أغاني يجب أن تكون مصحوبة بآلات الطرب، على أن الموسيقى المصرية ظلت مجهولة برغم آلاتها الشائعة عندهم. وجل هذه المقطوعات محاورات بين رجل يدعو المرأة (يا أختي)، وامرأة تدعو الرجل (يا أخي) وكلاهما يتجاذب الأغاريد بلهجة جذابة رقيقة. وتلوح على هذه المقطوعات بعض ملامح