للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الثنائية والألسنية السامية]

للأستاذ الأب مرمرجي الدومينيكي

نص البحث القيم الذي ألقاه الأب الفاضل في الجلسة الأخيرة

لمجمع فؤاد الأول بدعوة منه

من المتجلي للعيان ولا يختلف فيه اثنان هو أن مصر المحروسة متبوئة عرش الزعامة والتقدم بين سائر البلاد العربية، ولا سيما في ميدان النهضة الثقافية والعلمية واللغوية. ومن ظواهر ذلك الجامعات المتعددة ودور العلوم ودور الكتب الكثيرة، ولجان التأليف والترجمة والنشر. ومن ذلك خاصة خدمة اللغة العربية والسعي في إنعاشها لتصبح آلة مرنة فتجارى الحضارة والمعارف العصرية. ومن تلك الوسائل الفعلة هو مجمعكم الموقر المحلى باسم مؤسسه؛ ذلك العاهل الأعظم حامي العلم واللغة ملك مصر (فؤاد الأول) وتحت ظل ورعاية نجله وخلفه الملك المعظم فاروق الأول المالك سعيدا. ولذا اشعر بغبطة وحبور لوجودي بينكم، انتم عليه أرباب العلم والأدب والحكمة، وسدنة حرم هذه اللغة العربية الكريمة، سيدة جميع لغات بني سام. وقد لبيت بكل افتخار دعوتكم اللطيفة لأبسط لكم كيفية محاولتي المؤازرة في خدمة المعجمية العربية على ضوء الثنائية والألسنة السامية، وهي وسيلة قد بذلت الجهد في تأليفي قصد تبيان فؤادها الجمة، وان ظهرت في أول وهلة غير مألوفة، فأقول:

من العلوم العصرية التي نشأت على يد أرباب البحث في البلاد الغربية (علم المقارنة) الذي طبقوا أصوله على مختلف الفروع العلمية، فنجم عن ذلك حقائق ثمينة ومفيدة، كانت بقيت مجهولة لولاه وضمن دائرة اللغات توالدت موازنة الصوتيات والصرفيات والنحويات والمعجميات ومن ذلك كله المقارنة الألسنية السامية.

ومعلوم أن الساميات الأمهات تنقسم إلى طوائف، منها الطائفة الشرقية وهي اللغة الكدية الداخل فيها الآشورية والبابلية، والطائفة الغربية الشمالية الشاملة الكنعانية والآرامية والعمورية. الكنعانية فرعان: هما الفينيقية والعبرية. والآرامية فرعان أيضاً: هما الآرامية الغربية، والآرامية الشرقية. ولهجتها الفصحى هي السريانية. ثم هناك الطائفة الغربية

<<  <  ج:
ص:  >  >>