للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين العقاد والرافعي]

للأستاذ سيد قطب

- ٦ -

جاء في حديث الأستاذ سعيد العريان عما بين العقاد والرافعي:

(أصدر العقاد ديوان (وحي الأربعين) في سنة ١٩٣٣، والسياسة المصرية يومئذ تسير في طريق معوج، وحكومة صدقي باشا تمكن لنفسها بالحديد والنار، و (الوفد) ومن ورائه الأمة كلها يجاهد حكم الفرد ويكافح للخلاص، والعقاد يومئذ هو كاتب الوفد الأول، يكتب المقالة السياسية فترن رنيناً، ويلقفها آلاف القراء بلهفة وشوق، في كل مدينة وكل قرية، فلا عجب أن يكون العقاد بذلك عند عامة القراء، هو أبلغ من كتب وأشعر من نظم، حتى ليؤول أمره من بعد إلى أن ينحله الدكتور طه حسين بك الوفدي المتحمس، لقب (أمير الشعراء) تملقاً للشعب ونزولاً على هواه)

ثم قال كلاماً آخر يمت إلى هذا الكلام، ويضرب على نغمته ويرجع انتصار العقاد على الرافعي في المعركة عند غالبية القراء إلى هذه العوامل السياسية. وكان هذا وأمثاله من الأسباب الأولى التي حفزتني للكتابة في الموضوع الذي أكتب فيه، لأنها ندت عن التاريخ إلى الحكم والتعليق والترجيح

يخطئ الذين يعتقدون أن العقاد يستمد قوته من ظروف طارئة أو قوى خارجة عن ذاته، كالسياسة، والحزبية، والصحافة. . . الخ

والبراهين على ذلك شتى

فلقد قيل أن العقاد كان قوياً بأن كان (كاتب الوفد الأول) ولكن العقاد خرج على الوفد أول الخارجين في إبان قوته وسطوته، وبعد تجربة في الخروج عليه ذهب بها إلى عالم النسيان ثمانية من أعضائه يتابعهم ثلاثون من الهيئة الوفدية

وقد لقي من الكيد، ووسائل النضال، الظاهرة والخفية، البريئة والشائنة، ما لو وجه إلى هيئة كاملة لضعضعها. فماذا كانت عاقبة هذا الخروج؟

لقد بقي العقاد هو (الكاتب الجبار)، وتضعضع خصومه ووراءهم قوة العدد، وقوة الحكم، وقوة المال، وقوة الماضي الوطني، وكل قوة مأمولة في الوجود!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>