حاضرنا الأستاذ علي أحمد عيسى، في مدرج كلية العلوم، بجامعة فاروق الأول، عن الزار كظاهرة اجتماعية أفريقية.
فابتدأ بأن قال: إن هذا الموضوع الجديد على الباحثين الاجتماعيين في مصر لا يعتمد على الكتب، أو المراجع، بقدر ما يعتمد على المشاهدة عن كثب. كان أول عهد اهتمام الأستاذ المحاضر بهذا الموضوع الخطير حين وجهه إلى دراسته البروفيسور (هوجارت) الأستاذ بجامعة فؤاد الأول - وكان أستاذاً لمحاضرنا الفاضل في سنة ١٩٣٥
وقد أخبرنا الأستاذ عيسى، أنه عثر على كتاب في - طب الركة! - يرجع تاريخه إلى القرن التاسع عشر، أورد مؤلفه حديثاً عن الزار لأول مرة في مصر، واستدل الأستاذ المحاضر بذلك، على أن تلك الظاهرة الاجتماعية لم تكن معروفة في مصر قبل ذلك القرن، ثم حدثنا عن سيدتين كتبتا عن هذا الموضوع أيضاً وفصلتا بعض طقوسه هما: زينب فواز، وحواء غرزوزي، وكانت من سيدات القرن التاسع عشر.
أما المصادر الأوربية، فقد ذكر الأستاذ الفاضل أن البروفيسور (تشيروللي) تحدث عن الزار في دائرة المعارف الإسلامية.
وخلاصة رأى العلماء في صدد هذا الموضوع أن الحبشة هي المنبت الأول لهذه الخرافة، وقصة الزار في الحبشة تبتدئ منذ اعتناق الأحباش للديانة المسيحية - وقد كانوا من قبل يعبدون إلهاً يسمى ظارو! أو دارو! أو زارو! على حسب الروايات - فلما استجابوا للدين الجديد ظلت آثار الديانة القديمة راسبة فيها وراء اللاشعور، وابتدءوا يتوجسون في أعماق نفوسهم خيفة من مظنة انتقام الإله المندحر، زارو! وأنشأوا ضروباً من الطقوس والشعائر البدائية يترضونه بها، وصاروا يجتمعون فيرقصون رقصات تشبه كثيراً من المشابهة رقصاتهم الدينية القديمة تقرباً وتزلفاً للإله القديم. . .
فظاهرة الزار إذن، ظاهرة دينية، لا تسود في غير الشعوب البدائية، تلك الشعوب التي تختلف أداة تفكيرها عن أداة التفكير لدى الشعوب المتحضرة، والتي تتفشى أمثال هذه الخرافة في بيئاتها تفشياً يبعث على كثير من التأمل.