للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإذا نحن علمنا أن رجل الشعب البدائي، يجمع بين الأشياء التي تفصل بينها، وأن لا فرق لديه بين شخصه وبين ظله! ولا بين شخصه وبين اسمه! وأن الرجل الصيني حريص على أن يباعد بين ظله وبين نعش الميت وقت تسميره، مخافة أن يموت في الحال إذا ما قدر لهذا الظل أن يلتصق وقتذاك بالنعش. إذا علمنا ذلك، أدركنا إلى أي مدى تتحكم الخرافات في أمثال هذه البيئات.

وليس من شك في أن هذه المعتقدات تجعل معتقدها مهدداً في كل آن بغارات خفية من عالم الأرواح، فهو في فزع دائم لا ينقطع، وهو محاط بغيوم من الروع جاثمة لا تنقشع. ولا عجب إذا ما اندفع إلى استرحام تلك الأرواح التي تهدده كل وقت باحتلال جسمه، مقدماً إليها القرابين المختلفة، ممارساً لأجلها شتى الطقوس والشعائر، استجلاباً لعطفها واستدراراً لرحمتها ورفقها.

وقد تلقت مصر أيام العثمانيين هذه الخرافة عن الرقيق الذين توافدوا إليها أثناء حملات محمد باشا وغزواته للحبشة والسودان، وساعد على انتشارها في البيئات المصرية أنها كانت في حال من الانحلال النفسي تبرر تقبلها لكل دخيلٍ من أمثال هذه الفكر.

فمصر، كما اهتم الأستاذ المحاضر أن يؤكد لنا، ليست عريقة في اعتناق ديانة زارو، بل هي حديثة العهد بها جداً، إذ لم تعرفها قبل الربع الأول من القرن التاسع عشر.

ولا يسعني إلا أن أقول في إيجاز: إن الأستاذ المحاضر قد أعطانا صوراً دقيقة من مراسيم الزار، وأكد لنا أن كلمة - زار - هي بلا شك تحريف لاسم الإله الحبشي القديم زارو!! كما برهن على أن الطقوس التي تؤدي في هذا الصدد ليست طقوس مصرية أصيلة، ولكنها طقوسٌ دخيلةٌ محدثةٌ

(الإسكندرية)

علي حسن حمودة

إلى ابنتي عفاف

في الربيع النضر، حين سرى الماء في العود اليابس، ونبضت الحياة في البراعم النابتة، وتألق الجمال بألوانه الزاهية في الزهور المتفتحة؛ في الربيع النضر يا ابنتي، حين أشرق

<<  <  ج:
ص:  >  >>