ولد أحمد فتحي زغلول في قرية أبيانة بمديرية الغربية في ربيع الأول سنة ١٢٨٩ هجرية، وكان أصغر أنجال الشيخ إبراهيم زغلول أحد الأعيان البارزين في تلك القرية، ولكنه حرم حنان الوالد وعطفه؛ إذ مات والده وتركه رضيعاً لم تتفتح عيناه للحياة بعد، وكان شقيقه سعد زغلول فطيما، وكانت والدتهما - وهي إحدى عقائل عائلة بركات - لا تزال شابة لا تتجاوز العشرين، فمنحت شبابها لولديها اليتيمين، ووقفت نفسها على تربيتهما تحت رعاية أخيهما الكبير لأبيهما الشناوي زغلول الذي عني بتعليمهما على ما كان معهوداً في تعليم أولاد الأعيان يومذاك، وكان أن نفع الله بالطفلين اليتيمين على خير ما يكون النفع للأمة والوطن، فصار سعد إلى ما صار إليه في زعامة الأمة وقيادتها، وانتهى فتحي إلى ما انتهى إليه، دعامة من دعائم الإصلاح التشريعي والاجتماعي، ومنارة تهدي ركب الأمة إلى سواء السبيل.
ولم يكن أسمه أحمد فتحي، وإنما كان أسمه فتح الله صبري، هكذا سماه والده، وهكذا عرف في حياته الأولى، حتى انتهى من مراحل التعليم في كتّاب القرية، وفي مدرسة رشيد الابتدائية، ثم المدرسة التجهيزية، ودخل مدرسة الألسن وصادف أن زار أحمد خيري باشا ناظر المعارف يومذاك تلك المدرسة، فأعجب بذكاء الشاب فتح الله صبري، وأدهشه ما لمس فيه من نبوغ خارق، فخلع عليه أسم أحمد، ونحت من (فتح الله) أسم فتحي، وهكذا سماه أحمد فتحي، وأصدر أمره إلى المدرسة بقبوله بالمجان، ورد ما دفع من المصاريف إليه، وكانت هذه أول شهادة بالنبوغ لفتحي زغلول. . .
وتخرج فتحي متفوقاً في دراسته، فأرسلته نظارة المعارف سنة ١٨٨٤ إلى فرنسا لدراسة الحقوق، وقد رجع في سنة ١٨٨٧ بعد أن حصل على شهادة الليسانس في القانون؛ فعين