صحبتي للخيام طويلة مديدة، وقد عرفته ضمن من عرفتهم من الشعراء الفرس الكبار وأدبائهم العظام منذ عشرين سنة تقريباً. . . أما هو فقد كان على الدوام أقرب إلى نفسي وأحب إلى قلبي. . . أما هم فقد كانوا أشغل لفكري وأدنى إلى إثارة اهتمامي بشعرهم منه. والخيام عاطفة وروح، وللعاطفة والروح سحرهما الذي لا يدفع، وسلطانهما الذي لا يقهر على العواطف والأرواح، فلهذا إن كنت قد عرفت الفردوسي عن طريق الشاه نامة، والسعدي عن طريق كلستان وبوستان، وحافظاً الشيرازي عن طريق ديوانه الرائع، ومولانا جلال الدين الرومي عن طريق المثنوى، والنظامي عن طريق هفت بيكر، وعرفت غير هؤلاء أيضاً عن طريق بعض ما كتبوا أو بعض ما كتب عنهم، فقد عرفت الخيام عن طريق رباعياته نفسها ثم عن طريق وديع البستاني، وحسين دانش، وعبد الله جودت، وحسين رفعت، ومحمد السباعي، وأحمد حامد الصراف، وأحمد الصافي النجفي، والزهاوي، وفيتز جرالد وغير فيتز جرالد من الغربيين، وأخيراً الفيلسوف رضا توفيق.
لهذا، عندما استقر رأيي على إعداد هذه الكلمة تملكتني الحيرة في بادئ الأمر أي الجوانب أفصح عنها؟ وأي النواحي أهملها؟ وكل جانب من جوانب حياة الخيام لذيذ شائق، وكل ناحية من نواحي أدبه الرفيع فاتنة مغرية، تستمرئها النفوس وتشتاقها الأرواح، حتى انتهيت بعد لأي إلى أن يقتصر كلامي على ناحية واحدة فقط من حياته، وهي ناحية عدد من الأساطير والخرافات التي تحيط بسيرة هذا الشاعر الإنساني العظيم. . .
الأسطورة الأولى
أعتقد أنه ليس بين الذين لفتت مكانة الخيام العلمية أنظارهم، أو أثارت رباعياته اهتمامهم؛ من لم يسمع شيئاً قليلا أو كثيرا عن تلك القصة الشائقة التي ذاعت وشاعت وتناقلها الألسن في كل مكان عن نشأة الخيام، وعن حياة تلمذته الأولى في نيسابور المدينة التي فتح فيها شاعرنا عينيه للحياة لأول مرة في هذا الوجود، وهي قصة شيقة لذيذة يغلب عليها عنصر الخيال الجامح، فيجعلها ضوء للروايات السينمائية التي تمثل أدوارها على الشاشة اليوم
نحن في مدرسة نيسابور الشهيرة. . . الزمن القرن الخامس الهجري؛. . نستمع إلى