عرف من زمن بعيد أن طول الشيء الواحد يتغير قليلا بتغير وضعه بالنسبة لاتجاه سير الأرض، فمثلا إذا أخذت قصبة ووضعتها في اتجاه سير الأرض حول الشمس كان لها طول معين. فإذا أدرتها بحيث تصبح عمودية على اتجاه سير الأرض وجدتها أطول قليلا مما كانت عليه في الوضع الأول. هذا يتعارض طبعا مع الاعتقاد السائد بأن طول الشيء ثابت لا يمكن أن يتغير لمجرد تغير وضعه. والواقع أن هذا التغيير ضئيل جداً لا يظهر إلا في الحسابات الدقيقة وهو أضأل من أن يؤثر أي تأثير محسوس في تجاربنا العادية.
ولم يخطر بالبال أن هذا التغير الضئيل ستنبني عليه نتائج غاية في الخطورة إلى أن تطور العلم عرف سبب هذا التغير. وهاك بيان السبب:
من الثابت الآن أن كل جسم مادي يتألف من دقائق متناهية في الصغر تسمى كهارب بعضها متحمل بشحنة كهربائية موجبة، ويسمى بروتون وبعضها شحنة سالبة، ويسمى ألكترون. فالقلم الذي بيدي هو مجموعة هائلة من تلك الدقائق الصغيرة المكهربة وكذلك كل جسم آخر.
ومن الثابت أيضاً أن أي جسم مشحون بشحنة كهربائية إذا تحرك بسرعة فأنه يصبح مغناطيساً له خواص الجذب. وعلى ذلك إذا تحرك أي جسم مادي بسرعة كبيرة فأن كل دقيقة من دقائقه المكهربة يصبح مغناطيساً، فينشأ بينها تجاذب ينتج عنه انكماش في ذلك الجسم. وقد حسم العلماء مقدار هذا الانكماش بناء على القوى المغناطيسية الناشئة فوجدوه مساوياً تماماً لما يحدث فعلا للأجسام بحركتها مع الأرض.
وعلى ذلك صار من الثابت أن الجسم المتحرك ينكمش قليلا ولهذا الانكماش علاقة بمقدار سرعة الجسم، فكلما زادت السرعة زاد الانكماش وهكذا.
ولكننا نعلم أن في الكون كواكب مثل كواكب السدم اللولبية تتحرك بسرعة هائلة بحيث يصبح لها تأثير محسوس في حجوم الأجسام التي عليها. ومنها ما تبلغ سرعته حداً ينتج عنه حتماً انكماش كل جسم عليها إلى نصف الحجم الذي يكون عليه لو كان عندنا هنا على الكرة الأرضية. بمعنى أن الحجر هنا الذي يكون حجمه متراً مكعباً لو أنتقل إلى هناك ووضع على ذلك الكوكب وأصبح متحركاً معه لصار حجمه نصف متر مكعب فقط.
فإذا فرض مثلا أن في تلك السدم كوكباً مثل الأرض تماماً وعليه أشخاص مثلنا وحياة