العدوى. وقد حاول كثيرون الحصول على هذه الجراثيم، ونجح كثيرون في الحصول على جراثيم، ولكن جراثيم الباحث لم تطابق في الصفات جراثيم الباحث الآخر، فدل ذلك على أنها عوارض، وبعضها لا يعطي المرض فهي ليست جراثيم المرض. ولعل أوثق ما أستكشف في هذا الصدد مما له علاقة بهذا المرض جسيمات صغيرة وجدها الباحث ريكيتس عام ١٩٠٩ في دم المرضى ببلاد المكسيك، وأمن على وجود أشباه لها فون فرو فازيك أثناء بحثه عام ١٩١٠ في بلاد الصرب، وجدها في باطن خلايا الدم البيضاء للمرضى، وسميت هذه الجسيمات بأسمي هذين الباحثين اللذين ذهبا ضحية المرض تشريفاً لهما وحفظاً لذكرهما. ومن بعدهما وجدت هذه الجسيمات في القناة الهضمية للقمل. والأبحاث في هذا السبيل لا تزال جارية تبعث بأشعة من نور ضئيل في ظلمات هذه العلة المبيدة.
وأعراض التيفوس تشابه من بعض الوجوه أعراض التيفود لذلك كانا يختلطان على الناس حتى جاء جرهارد عام ١٨٣٧ ففرق بينهما. وسمى المرض الثاني بالتيفود ومعناها شبيه التيفوس: والمدة التي تمضي على دخول الميكروب في الجسم وظهور أعراضه تسمى مدة الحضانة، وبئست هي من حضانة، تتراوح ما بين خمسة أيام إلى واحد وعشرين يوماً، وتظهر الأعراض على الأرجح بغتة وقد تظهر بالتدرج. فترتفع الحرارة ويصحب ارتفاعها قشعريرة يصحبها صداع شديد وقيء، ويكون الهذيان أول الأمر زائطاً، ويظهر في نحو اليوم الخامس على جلد المريض طفح، وفي الوجه ثقل وبلاهة. وفي الأسبوع الثاني يصبح الهذيان تمتمة، وإن شاء له الله الشفاء والسلامة نزلت حرارته في نحو اليوم الرابع عشر فجأة وصحبها عرق غزير.
ولا سبيل لاتقاء التيفوس إلا بتطهير السكان من القمل، والقمل من الحشرات التي يمكن استئصالها ولو أن كثيراً من المصريين في الأحياء الفقيرة وبؤساء الريف يظنون أن القمل كالبق لا سبيل لاستئصاله، وربما أتينا في كلمة أخرى على طرق ذلك.