سلام على شاعر النيل، مازال ذكره حبيباً، تهتز له المشاعر بالطرب والإعجاب، ولقد أطل (يوليه) فبدا لي كأنه طيفه الأغر على حافة الأفق، يدعوني إليه؛ وما هي إلا نقلة من قدم حتى وجدتني أجالس حافظاً في (الديوان) أستمع إلى حديثه، وكم في حديثه من عذوبة تخلب، وسحر يفتن. . . قلت. . . لقد تميز جيلكم بالثورة في كل شيء. . . في السياسة، والأدب، والاجتماع. فأحدثتم حياة جديدة هي منة في أعناق الاخلاف جعلت لكم حق التقديس والإكبار. . . ولعل قضية المرأة كانت أبرز معالم تلك الثورة إذ تناولها بالبحث والنظر كثير من قادة الفكر وأرباب الرأي، وإذ ذكرت تلك الصفوة الممتازة فشاعر النيل منها في الصف الأول. فماذا يرى؟
قال - رأيت في المرأة أنها الأصل والمجتمع أثر لها، متأثر بها، فهي الأم الوالدة، والأستاذة المرشدة، وأن أفضال الجماعة من غرسها، وأوزارها من بذرها؛
الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعباً طيب الأعراق
وتلك مقدمة نتيجتها أن تربى المرأة تربية صحيحة صافية، وطريقة ذلك إذا أردناه أن تكون الشرقية غربية في العلم والثقافة. بهذا خاطبت (ملك) حين بكيتها:
أني أرى لك سيرة ... كالروض أرجه الزهر
قد كنت زوجا طبة ... في البدر عاشت والحضر
غربية في علمها ... مرموقة بين الأسر
واسترسلت فمجدت في شخصها صواحب الرأي والفكرة: لله درك إن نثرت -. . . .
أما حريتها - يعني المرأة - فقد أردتها مقيدة محدودة بعرف الإقليم والدين.
أنا لا أقول دعوا النساء سوافراً ... بين الرجال يجلن في الأسواق
يفعلن أفعال الرجال لواهياً ... عن واجبات نواعس الأحدافي