للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كما يرانا غيرنا]

في الطريق. . .

(عن جريدة (الإجبشيان غازيت) عدد ٢٦ نوفمبر سنة ١٩٤٠)

لمصر وسائل متعددة لتعليم الأوربيين الصبر، ومعظم الذين أقاموا بها

خمسة أعوام إما أن يكونوا:

١ - قد تعلموا الصبر

٢ - أو استكشفوا فن (معلهش)

٣ - أو انغمسوا في حمأة مرذولة

٤ - أو غادروا البلاد وقد تحطمت أعصابهم

ومن أظرف الوسائل التي يستفاد بها الصبر أن تسير في شوارع القاهرة، وما من مدينة أصلح منها لذلك، لأن الإسكندريين مثلاً قد هداهم بعض الغريب من حيل الأقدار إلى اعتياد المشي على الطوار في غير حاجة إلى المزاحمة بالمناكب، ودفع هذا ومنع ذلك من المارة في الطريق، وبغير أن يضطروا المساير إلى الإلقاء بنفسه تحت عجل السيارة أو الترام أو الدراجة أو تحت أرجل الحمير والخيل والجمال الضالة والثيران. ومعظم أهل القاهرة يسيرون كل خمسة منهم معاً في خطوط متعرجة كالتي يرسم بها الضوء جماعة المصورين على لوحات التصوير، وكأن الرجل متى خرج للمسير في هذه المدينة الغريبة قد نسي أن له غرضاً معيناً من المسير، أو كأنه يغضب إذ يعرف أن للغير من هذا المسير وجهة معينة.

ومن المناظر المألوفة في القاهرة مسير أبوين مع طفل أو اثنين أو خمسة من ذوي الأحجام المتفاوتة يصحبهم خادمان أو ثلاثة يحملون خمسة رؤوس من الخس وستة أعواد من القصب. فإذا ما رأيت جمعاً كهذا فخير ما تصنع أن تقفز من الطوار حتى لا يمر فوقك هذا الحشد الذي تتألف من مجموعه دبابة آدمية. ومن المناظر المألوفة كذلك أن يمر بك أربعة أو خمسة من النوبيين (السفرجية) بيد كل منهم عصا يلوح بها يميناً أو يساراً وارتفاعاً وهبوطاً فإذا ما تخطاك دون أن يصيب رأسك بضربة عصا كان من الطريف أن تبلغ

<<  <  ج:
ص:  >  >>