إذا أردت أيها القارئ الكريم أن ترى دولة إسلامية بالمعنى الإسلامي الدقيق فلا تحاول أن تبحث عنها في الشرق الأدنى، وإنما تعال معي إلى الباكستان فهناك سوف ترى تلك الدولة الإسلامية.
ففي الباكستان نرى أن الإسلام هو محور الحياة وأساسها، فالحياة السياسية والأنظمة الاقتصادية والحياة الاجتماعية تستمد أصولها جميعاً من الأنظمة الإسلامية. ليس في هذا غرابة، فقد قامت دولة الباكستان لتكون دار أمن وسلام للمسلمين من أبناء القارة الهندية الذين عذبوا واضطهدوا بسبب عقيدتهم الدينية. وإن سياسة الباكستان الإسلامية ليست فرضا من حكومة مستبدة على شعب مائع، بل هي رغبة شعب مؤمن قوى تنفذها حكومة مخلصة عادلة.
واجب قبل أن أتعرض لوصف النظام الإسلامي القائم الآن في الباكستان أن أناقش في إيجار أنواع النظم الحكومية التي قامت في العصور الوسطى والتي تأثرت بها الأنظمة الحكومية القائمة في عصرنا الحاضر.
انقسمت الأنظمة الحكومية التي في العصور الوسطى إلى نوعين: أحدهما قام في الشرق والآخر قام في الغرب.
فأما النظام الأول فقد وضع أساسه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حين قامت الدولة الإسلامية الأولى في المدينة. كان القرآن دستور هذه الدولة وقانونها ومحمد (ص) زعيمها. ولما توفي النبي قام خلفاؤه من بعده بإدارة شؤون هذه الدولة، وقد تمكن الخلاء من توسع رقعة الدولة حتى صارت تشمل مساحات شاسعة تمتد المحيط الأطلنطي غربا إلى الصين شرقا.
كان الخليفة يرأس هذه الدولة ويجمع في يديه بين السلطتين الدينية والدنيوية: يؤم الناس