[من طرائف الشعر]
إلى الشواطئ المصرية
للشاعر الوجداني على محمود طه
حيَّاكِ أرضاً وازدهاكِ سماء ... بحرٌ شدا صخراً وصفَّقَ ماَء
يحبو شعابَك في الضحى قبلاتِه ... ويرفُّ أنفاساً بهنَّ مساَء
مُتَجَدَّدَ الصبَّوَات أودعَ حبُهَّ ... شتىَّ الأشعةِ فيكِ والأنداء
وَلِعٌ بتخطيط الرَّمال كأنَّه ... عرافةٌ تستطلعُ الأنباء
وَمُصَوِّر لَبِقُ الخيال يصوغ من ... فنِّ الجمال السِّحرَ والأغراء
نَسَقَ الشَّواطئ زينةً وأدقَّها ... صُوَراً بريَّا صفحتيه تَراءى
يجلو بريشته السماَء وإنِّما ... زادتْ بريشته السماءُ جلاَء
لا الصبحُ أوضحُ من مطالعه بهِ ... شمساً ولا أزهى سناً وضياَء
كلاَّ ولا الليلُ المكوكبُ أفقه ... بأغرَّ بدراً أو أرقَّ سماَء
ولربَّ زاهيةِ الأصيل أحالها ... سيلاً أحمَّ ولجةً حمراَء
وكأنما طوَت النهارَ ونشَّرتْ ... لَهَباً وفجَّرت الصخورَ دماَء
ولربَّ عاطرةِ النسيم عليلةٍ ... طالعتُ فيها الليلةَ القمراَء
رقَصَتْ بها الأمواجُ تحت شعاعها ... وسرتْ تُجاذبُ للنسيم رداء
حتى إذا رانَ الكرى بجفونها ... ألقتْ إِليك بسمعها إِصغاَء
تتسمعُ النوتيِّ تحت شراعه ... يشدو فيبدعُ في النشيد غِناَء
هَزَّتْ ليالي الصيِف ساحرَ صوته ... فشجا الشواطئَ واستخفَّ الماَء
وأثارَ أجنحةَ الطيور فحوَّمتْ ... في الليل حيرى تتبعُ الأصداَء
وَُرٌ فواتنُ يا شواطئُ صاغها ... لك ذلك البحر الصَّنَاعُ رواَء
فتنظّريهِ على شعابكَ مثلما ... رجع الغريبُ إلى حماهُ وفاَء
كم ظلَّ يضربُ في صخورك موجضه ... مما أجنَّ محبةً ووفاَء
عذراً إذا عيَّتْ بمنطقة اللُّغى ... فهو العبيُ المفجمُ الفصحاَء
فخذي الحديثَ عليه واستمعي لهُ ... كم من جمادٍ حدَّثَ الأحياَء