للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سجين شيلون]

للشاعر الإنجليزي لورد بيرون

بقلم الأستاذ محمود الخفيف

تتمة ما نشر في العدد الماضي

- ٧ -

ذكرت أن أقرب الأخوين إلى مكاني تساقطت نفسه وذوى عوده، وكذلك ذكرت أن قلبه القوي انصدع وانسرقت قوته

عزفت نفسه عن الأكل وعافته، ولم يك ذلك لما كان عليه من قبح ووحشية، فقد ألفنا طعام الصيد ورضنا أنفسنا عليه.

أبدل ما كنا نشربه من لبن تجود به غنمات الجبل، بماء أتوا به من الخندق، وكان الخبز الذي يلقى إلينا على حال أحسسنا معها كأن دموع الموثقين البائسين قد سقته فألانته آلاف السنين، منذ ألقى الإنسان ببني جنسه أول مرة في الأصفاد كما يفعل بضواري الوحوش!

ولكن ما كان ليضيره ذلك أو يضيرنا، لم يكن ذلك ما أذاب قلبه وفت في عضده، فقد كانت روح أخي من ذلك الطراز الذي تتسرب إليه برودة الموت حتى ولو كان في قصر، إذا حيل بينه وبين شعاب الجبال وجوانبه الحادرة. وليت شعري لم أخفي الحقيقة وأؤجل النطق بها. . . لقد لفظ أخي أنفاسه

رأيته يموت ولكن وا حسرتاه لم أستطع أن اسند رأسه، لا ولم استطع أن أمسك بيده وهي تموت ولا بعد أن همدت فيها الحياة، لم أستطع شيئاً من ذلك ولو أني تنزيت في الحديد وحاولت عبثاً أن أفك السلاسل واجعل أصفادي شطرين. لفظ أخي أنفاسه، ففكوا سلاسله وحفروا له لحدا قليل العمق، وقد جعلوه هكذا قريب القرار في مثل تلك الأرض الباردة أرض ذلك القبو

ولقد توسلت إليهم أن يمنوا علي بسلوة لنفسي فيدفنوا جثمانه في بقعة يقع عليها ضوء النهار وهي فكرة سخيفة، ولكنها أوحت إلى نفسي أن قلبه الذي فطر على الحرية لن يجد حتى في ضجعة الموت راحة في مثل ذلك السجن

<<  <  ج:
ص:  >  >>