كانت غرفة المكتبة في منزل المسيو (بنديبي) محتوية على (دواليب) قصيرة ذات طبقتين وفوق ظهورها عدد غير قليل من الصور والتماثيل الصغيرة والعاديات والتحف المختلفة الأنواع والأشكال، وكان (بنديبي) على فقره رجلاً على درجة من الأهمية لاشتغاله بالآداب والفنون، وكانت التحف الموضوعة فوق دواليبه مجردة عن النظام والترتيب، وكانت زوجته مدام بنديي الضعيفة البصر تعاني جهداً في تنظيف الدواليب وما فوقها بمكنستها الصغيرة المصنوعة من ريش النعام
وفي يوم من الأيام أدت واجبها بالمنزل وجلست مستندة إلى ذراعي مقعد كبير تنتظر عودة زوجها فعاد وعلى وجهه كل علائم الاهتمام وقال:(انظري إلى هذه القطعة) وأشار بإصبعه إلى شيء فوق الدولاب واستمر يقول: (لقد استكشفت أن هذه القطعة الفنية تساوي مائة ألف فرنك). فأدارت السيدة نظرها الضعيف إلى حيث يشير إصبعه ورأت طبقاً عادياً من أطباق الحساء (سلطانية) فقالت: (أحقاً إنها تقوم بهذا الثمن؟)
قال المسيو بندبي:(نعم والذي قومها بهذا الثمن من أشهر هواة العاديات، وقد رفضت بيعها مع إلحاحه في طلبها. وماذا أفعل بالمال؟ إنني لست تاجراً ولكنني هاو. وأذكرك أيضاً بأني كلما اشتريت تحفة من هذه التحف كنت تقولين لي إنها حقيرة لا تساوي شيئاً، فهل تقدرين الآن أنني كنت مصيباً لما اشتريت هذه القطعة بسبعة فرنكات؟)
ومن ذاك اليوم لم تكن الزوجة تجرؤ على أن تمس الطبق خوفاً عليه من الكسر. وكانت تنظر إليه فتتذكر أنه كان في بيت جدها آنية مثله تماماً وأنها كسرت فلم يحزن عليها أحد، فكانت تقول في نفسها:(حقاً إن الفن كله أسرار. وكان زوجها يقول: (انظري إلى بهجة لونها وإلى الرنين الذي تحدثه عند لمسها بالإصبع). فتنظر ولكنها لا تجد جديداً في اللون ولا في الرنين. وكان الأولى بها أن تقول ما تعتقد؛ فيحاول زوجها إقناعها، وتنكشف لها الحقيقة فتعرف خطأها.
ولكنها كانت توافق زوجها إذعاناً. وكان ذلك من سوء حظها، فمات زوجها بعد أمد قصير ولم يبين لها سر الفن الذي يعرفه هو وجامع العاديات الذي عرض عليه مائة ألف فرنك