وعاد المؤلف فعقد فصلاً في الأعمال التي تبرز فيها المرأة على الرجل، وهي الإحسان وتعهد المرضى وتربية اليتامى إلى غير ذلك من أنواع البر. ومما نقله لمديرة عصبة الخير أن الناس يتوخون أن يعرفوا ما نشكو منه من الأوجاع، وما تشكو منه كل الأمم، ومنشؤه إفلاس تربية القلوب، فقد وسع القائمون بالتربية درجات الذكاء بالتأديب الذي أدبوا الناس به، وشددوا في تلقين التربية الجسمية، وظنوا في ذلك الكفاية وهو دون حدها. فقد رأينا في العهد الأخير أن خمسمائة مليون طن من الحنطة جعلت وقوداً، أو ألقيت إلى البهائم تقضمها، على حين نجد ملايين من البشر في الصين يموتون جوعاً. وألقوا في البرازيل ٤٩٥٠٠ كيس من البن في البحر، ثم ٦٠٠٠٠ ألفاً جعلوها سماداً للأرض. وأبادوا في ألمانيا مقادير من السكر. ودفنوا في أوستراليا مليون خروف في الأرض لئلا يستفاد منها؛ وفي كل مكان يطرحون الأثمار والبقول والأسماك التي لم تنفق، أو التي زادت على الحاجة، ولا يفكرون في أن بيوتاً كثيرة تشكو العوز وتصاب بالمخمصة. ويزيد هذا الانحطاط في الأخلاق كل يوم، وتزيد معه ويا للأسف هذه الأنانية كغيرها من النقائض التي تئن منها الإنسانية، وتردها إلى أرذل أطوارها. فالشعور بالإحسان والإخاء سواء في الحكومات أو في الشعوب لم يستثمر ولم يرب. وعصبة الإحسان تعاون على تربية عقلية الأطفال في المدارس التي تربي على حب الفضائل. وتعلم الإحسان ضروري في الحياة الاجتماعية كتعلم الصناعات والأعمال
وأفاض في وصف عقليات الأمم التي تخالف العقلية الفرنسية؛ فمما قال في وصف عقلية الأمريكان في الولايات المتحدة إنها مخالفة كل المخالفة لعقلية الفرنسيس في مسائل الزواج، فالزواج عند الفرنسيس بالنسبة إلى العزب نوع حديث من الحياة يتحتم أن يكون ثابتاً يسبقه على الأكثر شعور صادق عميق، اللهم إلا عند بعض شبابنا في السنين الأخيرة. واغلب الأمريكيين والأمريكيات (ما خلا الفلاحين والعملة في المدن وجمهور الفقراء) يعتبرون الزواج فقط حادثاً يبقى ما تيسر له البقاء، ويمكن حله لأسباب تافهة، أو لأنه فقد