للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه الرضا، كأن الزواج عندهم بحسب ما عرف شامنور الحب تعريفاً فيه سخرية بقوله أنه (تبادل هويتين واحتكاك بشرتين). وليس من النادر في الولايات المتحدة أن امرأة رجلاً كانا بالأمس لا يعرف أحدهما الآخر أن يتلاقيا ذات صباح ويتأهلا في نفس ظهر ذاك اليوم بمعرفة القس الذي يجمع وظيفة ضابط الأحوال الشخصية إلى وظيفته.

ووضع فصلاً عنون له (كلمات للتأمل) جاء فيه أن مدام ماكدلين شوميون قالت في جملة مقالات لها في جريدة النهار الباريزية: إن الفتاة عندما تبدأ في فهم الحياة تتمثل أن تدخل في ميدانها وحيدة بدون معين ولا استنصاح أحد. فيقال إنها تريد أن تعيش مستقلة وأنها تتجافى عن قبول آراء غيرها وتوبيخ أهلها، وأنها تود أن تعمل لتربح مالاً وتنفق على هواها، وأن تبدو للناس، وتسيح إذا اقتضت الحال، وهذا غاية أمانيها. وهذا الجمهور الذي لا يحصى من الفتيات والنساء ممن يخرجن عن أطوارهن هو الذي يدعونا إلى اللهفة والأسف. ولقد رأينا محاميات انقلبن خادمات في البيوت، ولدينا براهين كثيرة على انه خير للمرء أن يحسن صناعة من أن يحمل شهادات حسنة. ولقد نال كثير من النساء لقب دكتورات في الحقوق فاصبحن كاتبات بسيطات على الآلة الكاتبة. يتعلمن علماً كثيراً ولا يعرفن احتياجهن على كسب قوتهن. وذكر المؤلف ما تحمله السينما من مفاسد، ولا سيما للفتيات والصبيان، وقبح الأبوين اللذين يستصحبان أولادهما لمشاهدة هذه المناظر التي لا تعلم في الأكثر إلا المقابح والمفاسد.

وروى ما قاله أميل بيكارد العالم الطبيعي الرياضي أن مستوى الأخلاق في الجنس البشري يسفل بمقياس واسع، ولعلهم يقولون إن ذلك نشأ من الحرب العظمى؛ والحقيقة أن هذه الحرب لم تعمل غير تعجيل هذا الفساد كما عجلت في مسائل أخرى. وانتهى الحال ببعضهم أن ادعوا أن ذلك نشأ من العلم، وهذه الدعوى تصدق بعض الشيء، ذلك لأن الآلة قد أحدثت جنوناً في الإنتاج الصناعي، فأن السرعة التي تمت في المسائل الفنية لم تسمح للزمن أن يعمل عمله. والزمن يهزأ بشيء يعمل دون تدخله، بل ينتقم من صاحبه. ولم تكتف الآلة بإغراق العالم في الرفاهية بل قامت مقام الإنسان المنتج القوي، وأبطلت في الإنسان اعتياد العمل الشاق العميق الطويل، فأصبح سطحياً واستغرقته السهولة، وما نمت فيه القدرة المادية بل قل فيه العنصر الأخلاقي، والجسم إذا أتسع توقع أن يكون له ملحق

<<  <  ج:
ص:  >  >>