في العاشر من المحرم سنة إحدى وستين من الهجرة وقع حادث عظيم ارتاعت منه قلوب المسلمين، ولا تزال ترتاع منه القلوب كلما جاء ذكره في اليوم العاشر من المحرم، ذلكم الحادث العظيم هو قتل الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد شباب أهل الجنة.
وكان المسلمون من شيعة علي يحتفلون بذكرى مقتل الحسين، يتمكنون من ذلك في بعض السنين، وفي بعض البلدان، ويمنعون من الاحتفال بهذه الذكرى كلما وقعوا تحت سلطان حاكم لا يتشيع لأهل البيت، وظلوا كذلك حتى كانت دولة البويهيين في بغداد، فجعلت الاحتفال بذكرى مقتل الحسين أمرا رسميا يلزم به جميع الناس، فقد أمر حاكم بغداد معز الدولة ابن يويه في سنة ٥٣٢هـ (أمر الناس أن يغلقوا دكاكينهم وأن يبطلوا الأسواق، والبيع والشراء، وأن يظهروا النياحة، ويلبسوا قبابا عملوها بالمسوح وأن يخرج النساء منشرات الشعور، مسودات الوجوه، قد شققن ثيابهن، ويدرن في البلد بالنوائح ويلطمن وجوههن، ويبكين على الحسين بن علي رضي الله عنه، ففعل الناس ذلك، وصارت عادة توارثها الناس.
وقد أردت أن أجول جولة تاريخية، وأؤلف بعض الأخبار لأحيي ذكرى مقتل أبي الشهداء.
كان النزاع قديما بين بني هاشم قبيلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين بني أمية قبيلة أبي سفيان أبن حرب، وكانت بنو هاشم أعظم وأشرف - فلما جاء الرسول منهم زادهم رفعة وشرفا، وكما قال معاوية بن أبي سفيان وقد قيل له: أخبرنا عنكم وعن بني هاشم فقال: بنو هاشم أشرف واحدا، ونحن أشرف عدداً - فما كان ألا كلا، ولا، حتى جاءوا بواحدة يذت الأولين والآخرين. يريد النبي صلى الله عليه وسلم، وبقوله: أشرف واحدا: عبد المطلب بن هاشم، ولم يستطع الأمويون أن يرفعوا رؤوسهم في عهد رسول الله، ولا في عهد الخليفتين من بعده. فلما كانت خلافة سيدنا عثمان - وهو منهم - استطاعوا أن يتحكموا في سياسة المسلمين، وظلوا كذلك حتى قتل عثمان، ثم قام النزاع بين علي