في سنة ١٢٥٧ ميلادية في إحدى قرى ألمانيا على ضفة نهر الرين، كان البارون أوتودي سيد المقاطعة مشهوراً بين قومه بثروته الطائلة وأحكامه القاسية
جمع هذا الرجل كل ما ملك من ذهب وجواهر ووضعها في صناديق مفتوحة في قاعة تحت الأرض، وكانت الشمس تدخل هذه القاعدة من ثغرة في نهايتها فتضيء بأشعتها هذه الجواهر الغالية
وكان البارون يجد تسلية لا تعد لها تسلية في السماح لمن يشاء أن يدخل تلك القاعة ويملأ جيوبه من المال بقدر ما يستطيع على ألا يستغرق في ذلك إلا مقدار ما تدق الساعة عشرة دقات، فإذا انتهت المدة ولم يخرج الرجل اعتبره سارقاً ما يحمله من جواهر وحكم علية بالرق مدة حياته. فكان يطمع في هذا المال كثيرون كل يوم، وكان عدد عبيد البارون يزداد بقدر عدد الذين طمعوافي ماله لأنه لم ينج من هذه الأحبولة أحد. وهذا ما كان البارون يتوقعه؛ ولم تخيب الأيام ظنه مرة واحدة
ففي ذات يوم مر على القصر هذا البارون شاعر مطبوع، وشاب مشهور بين قصور أمراء ألمانيا في ذلك الحين بجماله ورقة شعور ورخامة صوته ومهارته البالغة في الضرب على القيثاره. وكان يقضي حياته منتقلا بها من قصر إلى قصر
واتفق أن ابنة البارون ووحيدة دخلت في ذلك اليوم في عامها السادس عشر، فطلب إليه البارون أن يحي ليلة موسيقية تكريما لها
وقبل أن ينصف الشاعر طلب إليه البارون أن يدخل قاعة المال ويأخذ منها ما يشاء، على شرط أن يكون خارج القاعة قبل أن تنتهي المدة المقررة، وكأنه بهذا الطلب أن يستأثر بهذا الشاعر ويستعبده كغيره من الشبان
ولكن الشاعر أجاب:(وماذا افعل بمالك؟! لست في حاجة إليه، لأنني اشعر أن في نفسي من اللآلئ مالا تعد جواهرك الثمينة بجانبه شيئاً) ولكن البارون ألح عليه فأجاب طلبه
فلما كان الشاعر داخل القاعة أبصر من هذه الثغرة وردة انبهر من جمالها نظره وخفق لحسنها قلبه، فوثب وفوق المال المكدس واقتطف تلك الوردة وخرج مسرعاً قبل أن تنتهي المدة. فلما رأى البارون أول من خرج من القاعة دهش. وقال له (إن ما حملته من المال ملك لك) ولن البارون لم يجد شيئا مع الشاب سوى الوردة الجميلة. فقال له (أهذا كل ما