أهبت في مقال سابق بالرسالة، إلى الشيوخ والشبان أن يجدوا في تقييد ما عرف من العصر السابق لعصرنا من ترجمة لرجاله، وتدوين لأحداثه، وأشرت إلى أن كثيرين من عظماء شيوخنا أمثال أستاذنا أحمد لطفي السيد بك، والأستاذ إبراهيم الهلباوي بك، والسيد محمد الببلاوي، وسعادة احمد زكي باشا، وفضيلة الشيخ محمد بخيت، والأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار، والصحفي العجوز وأمثالهم، قد شاهدوا من عظماء الناس في مصر، ووقعت لهم من الحوادث، ومر أمامهم من المناظر ما لو دون لكان ثروة لا تقدر، ولكان حلقة اتصال بين ما دونه المؤرخون قبلنا كالجبرتي، وما يراه جيلنا. وقلت إن في نفوسهم كثيراً من المعلومات تضيء السبيل للجيل الناشئ، وإن من الخسارة العظمى أن نسكت عن تدوينها، وألا نسرع في تقييدها، فعلى هؤلاء السادة أن يدونوا في ذلك مذكراتهم، وعلى الشبان أن يلحوا في رجائهم، وأن يستملوهم ما في ذكرياتهم، ضنا بتاريخ أمتهم، وحرصاً على فائدة الجيل المقبل
وقد سرنا أن يقوم صاحب السعادة احمد شفيق باشا بنشر مذكراته، وفيها كثير من المعلومات القيمة التي تلقي نوراً على تاريخ الجيل الماضي؛ وحبذا لو نحا نوه بقية رجالاتنا، فيكملوا النواحي الأخرى الاجتماعية التي لم يتصل بها شفيق باشا، فكل عظيم من هؤلاء العظماء كانت له نواح اجتماعية خاصة هو بها أكثر علماً وأوسع معرفة.
ويظهر أن هذه الفكرة نفسها كانت عند المرحوم احمد تيمور باشا، فقد بدأ بترجمة رجال القرن الرابع عشر، ولكن مع الأسف الشديد لم يتمه، وقد طلبت من صديقي الأستاذ محمود تيمور أن يتفضل فيسمح لي بالاطلاع على ما دونه في ذلك المرحوم والده، فقبل رجائي وأعارني الجزء الخاص بذلك - فإذا هو مجلد قد دون فيه بخط المؤلف اثنتان وسبعون صفحة، وقد ترجم فيها لأربعة وعشرين رجلاً من أعيان القرن الرابع عشر الهجري باعتبار الوفاة، وإن كان أكثر حياتهم في القرن الثالث عشر
وأكثر من ترجم لهم المؤلف من الأدباء كعبد الله نديم والشيخ شهاب، والشيخ على الليثي،