شبه وليم جيمس العالم النفساني المعروف العقلين الواعي والباطن بكتلة من الجليد عائمة في البحر. عشرها يرى طافياً على سطح الماء، وتسعة أعشارها مغمورة فيه. ويهمنا أن نذكر أن ليس هناك كتلتان - واحدة فوق سطح الماء وأخرى تحته - ولكنها واحدة فقط تسعة أعشارها مغمور
وفي تشبيه البروفيسور جميس، نرى أن العقل ككتلة الجليد، عشره واع. والعقل الواعي هو العقل المفكر؛ عقل الدراية؛ العقل الذي يبت في الأمور. وتسعة أعشار العقل باطن - أي تحت مجال الشعور. . . ليس هناك عقلان، وإنما هما حالتان متباينتان للعقل
العقل الباطن هو مستودع الذاكرة. هو مركز عواطفنا وغرائزنا، يسيطر على أفعال الجسم العادية المنعكسة وغيرها من الأفعال اللاشعورية. وهو يباشر تجديد بناء الجسم حينما تموت خلايا قديمة وتولد أخرى جديدة. العقل الباطن لا يناقش قانونه الإيحاء، فهو يتلقى الإيحاءات الموجهة إليه من العقل الواعي ثم يبدأ في العمل على إبداع الحالات التي توافق تلك الإيحاءات. وهذا هو السر الأعظم للنفوذ العقلي على الإنسان. وإن الرجال أو النساء الذين يقدرون هذى الحقيقة ويتعلمون بالتمرين ليصلوا العقل الباطن ويغرسون فيه إيحاءات الصحة والسعادة والقوة والتحصيل، يمكنهم أن يكونوا أساتذة أحراراً لأنفسهم ومصايرهم مجددين بناء أنفسهم في حدود كون أوسع وأنبل وأقرب إلى الغاية البشرية العليا
والطرق التي ينصح بها علماء النفس للوصول إلى العقل الباطن تتطلب هدوءاً وجهداً ذاتياً، وانسحاباً من مشاغل الحياة
كثير من أساتيذ علم النفس والعلوم العقلية يؤكدون أهمية العقل في الهيمنة على التصرفات الإنسانية، كما في حالة الصمت مثلاً، فقد يكون الصمت مطلوباً لذاته، بيد أن طلاب العلوم النفسية يكابدون آلاماً في سبيل هذا الصمت. وإذا حملنا النفس في مثل هذه الحالة على