للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الفنون]

الفن المصري

العقيدة الدينية أصل الباعث على الفن

للدكتور أحمد موسى

انظر إلى خريطة وادي النيل الطبيعية، تجد أن مصر واد جميل منبسط، لا تتخلله ارتفاعات ولا انخفاضات خصوصاً في المناطق المأهولة بالسكان، أما الأمطار فهي نادرة فيه، فضلا عن أن الشمس تسطع عليه طوال أيام السنة

وتفكير الناس وتكوين إحساسهم وليد البيئة التي يعيشون فيها. ولما كان الفن وليد دقة الإحساس وسمو التفكير، وجب أن يكون الفن المصري بسيطا سهلا، نظراً لبساطة الخيال المصري ولين شاعريته، على عكس الخيال الإغريقي مثلا

وكان المصري ولا يزال قليل الاستمتاع بجمال الطبيعة لندرة تغيرها، على حين نرى الإغريقي عظيم الإحساس بالجمال والاستمتاع به سريع التأثر بمظاهر الطبيعة المتقلبة، كثير السعي والبحث وراء ما فيها من جمال وفن. كل هذا راجع إلى اختلاف الطبيعي بين مصر وهي البلاد المنبسطة المكونة من قطعة واحدة غير منفصلة، وبين اليونان وهي جزائر سواحلها كلها تضاريس، فضلا عن كثرة الارتفاعات والانخفاضات في سطحها

وقد أوضحت شيئا يسيراً عن الفن المصري قبل التاريخ، وقلت إن الالتفات إلى الدين كان قبيل عهد الأسرات، وأن هذا الالتفات نما وأزداد حتى عصر مينا، الذي وحد بين الوجهين البحري والقبلي مكونا مملكة واحدة

وإذا استطعنا أن نفهم شيئا عن تطور العقيدة الدينية، فإنه يمكننا أن ندرك الفن المصري إلى حد الاستمتاع

أنعم المصريون النظر في الموجودات والمرئيات، واتجهوا بنظرهم إلى السماء، فتصور بعضهم أن القبة السماوية شيء أشبه ببقرة كبيرة رأسها متجه نحو الغرب، وأن بلادهم بين أرجلها، كما تخيلوا أن النجوم لا تخرج عن كونها زينة تتحلى بها

وتصور غيرهم أن السماء على هيئات امرأة انحنت متجهة بيديها ورأسها نحو الغرب،

<<  <  ج:
ص:  >  >>