تلطف الدكتور زكي مبارك فتناول في حديث الأسبوع الماضي موضوع (الترقية إلى المدارس الثانوية)؛ وهو موضوع من حق صديقنا الدكتور زكي مبارك أن يتحدث عنه، لأنه بسبيل من عمله الرسمي في وزارة المعارف، وعمله الأدبي في مجلة (الرسالة)؛ فليس من حق أحد أن يدهش للأسلوب الذي تناول به موضوعه، أو الطريق الذي سلكه لإبداء الرأي فيه؛ وإنه لمن الغبن أن يكون الدكتور زكي مبارك ملوماً على ما في حديثه ذاك من التناقض وفساد الحكم؛ إذ كان يملي عليه الرأي حين يحكم شخصيتان لا تجتمعان على فكرة واحدة: شخصية زكي مبارك المفتش بوزارة المعارف، وشخصية زكي مبارك المؤلف المحقق الأديب؛ ومن أين لهاتين الشخصيتين أن تجتمعا على رأي وبينهما ما بينهما من الفوارق العقلية، ولكل منهما مقياسه في موازين الأشياء. . .!
والموضوع الذي تناوله الدكتور زكي مبارك حقيق بالبحث والدراسة، لأنه موضوع عام يتصل من قريب بشأن من أخص شؤوننا الأدبية، إذ كان المعلم هو فكرة الشعب، وأماني الغد، ومستقبل الثقافة، ولكن هذا الموضوع على عمومه يتصل بجانب من حياتي الخاصة يحرجني أن أتخذه موضوعاً للحديث، ولعل كثيراً من الذين يقرءون لي في الرسالة منذ سنين، لم يدر في خلد أحد منهم أن يسأل عن عملي الذي أتكسب منه ووظيفتي الرسمية التي أعيش بها قبل أن يعرف بي الدكتور زكي مبارك. .
ومعذرة إلى طائفة من القراء، فإن الرأي العام في مصر وفي الشرق ما زال يقيس منازل الرجال على قدر منازلهم في مناسب الحكومة أو منازلهم في دولة المال!
على أنه لا مندوحة لي اليوم عن الحديث في موضوع كنت أتنكبه فراراً من التهمة، ولست أطمع بعد في كلمة عطف أو أخشى كلمة ملام، فإني لقوي بنفسي عن استجداء العطف أو خوف الملام، ومن وجد في نفسه الطاقة فليس له عذر من التقصير؛ وليغضب من يغضب