لنفسه أو للحق، فليس بي إلى أحد حاجة، وليس لي في سبيل الحق أن أخاف سطوة إنسان!
وأبدأ حديثي لأصحح للدكتور زكي مبارك قوله:(الترقية إلى المدارس الثانوية) فإن كلمة (الترقية) هنا لا تؤدي معناها اللغوي كما يفهمه أهل التحقيق، وليس في نقل معلم من المدرسة الابتدائية إلى المدرسة الثانوية أي معنى من معاني (الترقية) وليس ثمة فرق بين معلم هنا ومعلم هناك، لا في الدرجة العلمية، ولا في العمل، ولا في المال، ولكن الفرق كل الفرق في التلميذ وفي المكان. . .
هذا حق يعرفه زكي مبارك (المفتش بوزارة المعارف)، كما يعرفه وزير المعارف نفسه، وكما يعرفه المعلمون جميعاً في المدرستين الابتدائية والثانوية؛ ولكن لماذا، لماذا - والأمر كذلك - تصر وزارة المعارف على تسمية هذه النقلة (ترقية)؟ ولماذا يشكو طوائف من المعلمين فيطلبون حقهم في هذه (الترقية)؟
جواب ذلك: أن هذه (النقلة) هي مظهر من مظاهر (الثقة العلمية) بالمعلم المنقول، وهي (اعتراف رسمي) بأن لهذا المعلم أهمية لتعليم طائفة من التلاميذ أنضج عقلاً من إخوانهم في المدرسة الابتدائية؛ وهذه (الثقة العلمية) وهذا (الاعتراف الرسمي) هما كل جزاء المدرس المنقول، وهما حسبه وكفايته؛ وأهل العلم دائماً هم أقنع الناس بالقليل!
. . . وقد سنت وزارة المعارف سنة منذ عامين: أن تسبق بين المعلمين في امتحان سنوي عام، لتمنح أسبقهم ثقتها العلمية واعترافها الرسمي.
لقد كثر ما تحدث المربون عن عيوب الامتحان، واختلال ميزانه، وجنايته على شخصية التلميذ. . . أفلم تجد الوزارة - بعد تجارب السنين - وسيلة لاختيار كفاية المعلم غير الامتحان وقد قالت ما قالت فيه وسمعت ما قيل؟
أليس لدى وزارة (المعارف) من وسائل (المعرفة) في ذلك غير امتحان (المعلمين)؟ بلى! هكذا قالت وزارة المعارف منذ سنتين وما تزال تقول: الامتحان!
الامتحان؟ بالله كيف صارت عيوبه حسنات، واختلال ميزانه دقة، وجنايته على (شخصية التلميذ) سبيلاً إلى تحديد (شخصية المعلم)؟
ولكن لا علينا من ذاك؛ فليس يعنينا ما تكون وسيلة وزارة المعارف إلى اختيار معلميها، ولو كانت المباراة بين المعلمين في حمل الأثقال. . .!