السيدة الأرمنية العجوز التي تسكن معنا في الدور الأرضي من المنزل أزمعت النقل إلى منزل آخر على مقربة من الحي، وهي واقفة على الباب تراقب الحمالين وهم ينقلون الأثاث ويرتبونه. ولابد من كلمة تحية ومجاملة في الطريق. فوقفت وسألتها:
إلى أين يا سيدة؟ وما الذي أغضبك من منزلنا؟
قالت: قسمة!
قلت: ألعلك وجدت مسكناً خيراً منه في هذا القيظ؟
قالت: لا. بل هي آخر قسمتنا فيه، وإنما هي كما تقولون أعتاب وأيام!
(سبب امرأة)
نعم. فقد تعودنا حين نسمع أمثال هذه الأسباب التي لا تعليل فيها أن نبتسم ونصرف الحديث قائلين: سبب امرأة، أو هو سبب من الأسباب التي لا يقنع بها غير النساء
والمتفق عليه بيننا معشر الرجال أن أسباب النساء هي الأسباب التي لا تعطيك تفسيراً ولا تزيدك علماً بعلة ما يصنعن وما يتركن، فإذا سألت امرأة: لم صنعت هذا؟ أو لم لم تصنعيه؟ فأغلب ما يكون الجواب: هكذا! أو هل تراني عارفة؟
هذا أو تعطيك جوابين نقيضين لتعليل العمل الواحد. فقد رووا أن رجلا صحب زوجته إلى متجر الملابس لينتقيا حلة تعجبها. فاختار لها لونا من الحرير عرضه عليها، فصاحت به: ما هذا؟ إن جميع الناس يلبسون منه. . . واختار لها لوناً آخر فصاحت به الصيحة الأولى: ما هذا؟ إني ما رأيت قط أحداً يلبسه!
فكان السببان النقيضان عندها صالحين لتعليل العمل الواحد وهو الإحجام عن شراء الحلة المعروضة عليها
لكن جهل الأسباب في الواقع غير مقصور على النساء، وكذلك هذا النمط العجيب من التسبيب
سعيد وإبراهيم وإسماعيل ثلاثة اخوة صغار يلعبون أمام المنزل في معظم الأحيان، أكبرهم في التاسعة وأصغرهم في نحو الخامسة؛ فهو لا يذهب إلى المدرسة أو لا يريد أن يذهب