المشروع الجليل الذي تضطلع به وزارة الشئون الاجتماعية
للأستاذ دريني خشبة
ليس أخزى لأمة من الأمم أن تشيع فيها تلك الأمة الذميمة على الصورة التي تشيع بها في مصر. وبالنسبة العالية التي ترتفع إلى ٨٥ % في بلادنا. . . وأي خزي ألا يكون في مصر من الملمين بالقراءة والكتابة أكثر من مليونين وربع المليون وأن يكون بها من الأميين أكثر من أثني عشر مليونا وثلاثة أرباع المليون!
أي خزي أن تكون هذه حالنا بالرغم من الملايين العشرة من الجنيهات التي شرعنا ننفقها على التعليم سنويا؟
وكيف أغمضنا عيوننا على هذه الحال كل تلك السنين الطوال، والمسألة تتعلق بكرامتنا وقوميتنا واستقلالنا وحياتنا وبكل ما هو عزيز علينا؟
وإذا عددنا أدواءنا الاجتماعية، فأي داء وبيل يكون أقسى على المجتمع المصري من تلك الأمية الذميمة المتفشية في طبقاته على هذا النحو، وبتلك النسبة العالية؟
وإذ عددنا أمراضنا المتوطنة، فأي مرض فتك بنسبة تزيد على اثنين بالمائة أو سبعة بالألف من سكان مصر، كما تفتك تلك الأمية الوبيلة بثمانمائة وخمسين من كل ألف مصري عزيز؟
وماذا يصنع التيفود والتيفوس والملاريا والرمد والأنكلستوما والبلهرسيا أشد مما تصنعه تلك الأمة بإخواننا المساكين المصريين من فلاحين وعمال وصناع وتجار وجنود وشرطة؟
إن هذه الأوبئة التي ذكرنا، وغيرها مما لم نذكر، ليس مصدرها الميكروب كما يزعم الأطباء، وإنما مصدرها تلك الأمية التي تغشي عقول هذه النسبة العالية من إخواننا المصريين البائسين
إن الفلاح الذي يشرب من البركة الراكدة، والفلاحة التي تغتسل في تلك البركة، إنما يصنعان ذلك بعامل الأمية التي حالت قسوة الأمة ونومها الطويل الذي نامته دون إنقاذ غالبية الشعب من براثينها
وإن المرابي الذي يغتال أموال الفلاحين وغير الفلاحين من طبقات الشعب، إنما يغتالهم من