[هزيمة الشيطان]
للأستاذ علي محمود طه
ألاَ ما لهذا الليلِ تَدْجَي جوانُبهُ ... على شفَقٍ دامِ تَلَظّى ذوائبَهْ!؟
وما ذلك الظَّلُّ المَخُوفُ بأُفِقِه ... يُطِلُّ فترتَدُّ ارتياعاً كواكبُهْ!؟
أَأَيتها الأرضُ انظري، وَيْكِ! واسمعي! ... توثَّبَ فيك الشُر حُمْراً مخالبهْ
أرى فتنةً حمراء يلفظُها الثَرى ... دُخاَناً تُغَشِّى الكائناتِ سحائبهْ
وأشتمُّ من أنفاسها حَرَّ هَبْوَةِ ... كأنَّ هجيَر الصيف يلفحُ حاصبهْ
أرى قبضةَ الشيطان تستلُّ صارماً ... توَهَّجُ شوقاً للدماء مضاربهْ
تسلَّلَ يبغي مَقْتَلاً من (محمدٍ) ... لقد خُيِّب الباغي وخابت مآربهْ
تقدَّمْ سليلَ النار! ما الباب مُوصَدٌ! ... فماذا توقَّاهُ، وماذا تُجانِبهْ؟
تأمَّلْ! فهل إلاَّ فتَى في فراشه ... إلى النور تَهفُو في الظلام ترائبهْ!؟
يسائلك الأشياعُ زاغتُ عيونهم ... وأنت حسيرٌ ضائعُ اللُّبِّ ذاهبهْ:
ترَانا غَفَوْنا أم تُرَى عَبَرَتْ بنا ... نُفاثُة سِحْرِ خدَّرتْنا غرائبهْ!؟
وما زال منا كلُّ أَشْوسَ قابضاً ... على سيفِه لم تَحْلُ منه رواجبه
ترَى كيف لم تُبْصِرْ غريمك سارياً ... وأين تُرى يمضى؟ وتمضى ركائُبهْ؟
تقدَّمْ، وجُسْ في الدار وَهنْاً؟ فما تَرَى؟ ... لقد هجر الدارَ النبيُّ وصاحُبهْ!!
يحثان في البيداء راحَلَتيهما ... إلى جبلٍ يُؤْوى الحقيقةَ جانُبهْ
فقف وتنظَّرْ حائراً نَصْبَ غارهِ ... تَحدَّاكَ فيه وُرْقُهُ وعناكبهْ
لتعلم أن الحق رُوحٌ وفكرةٌ ... يذلُّ لها الطاغي وتَعْنُو قواضبهْ
فطِرْ أيها الشيطانُ ناراً أو انطلق ... دُخَاناً، فَأَخسِر بالذي أنت كاسبهْ!
خَسِأتَ! ولو لم يَعْصِمِ الحقَّ رُّبه ... طوى الأرضَ ليلٌ ما تزول غياهبهْ