(رسالة مهداة إلى الروح الذي أهدي إليه (وحي الرسالة))
الدكتور زكي مبارك
ما هفا القلب لخطرة من خطرات الحب والمجد إلا ترنمت بقول البحتري:
لعلّ الليالي يكتسين بشاشةً ... فيرجعن من عهد الهوى المتقادم
ولعهد الهوى في قلبي وعقلي ألوف من الألوان والظلال. فهو تارة صورة وجدانية، وتارة صورة وطنية، وحيناً نزعة إسلامية، وأحياناً نزعة عربية. وقد يحلِّق الفكر فيرتفع إلى الأجواء الإنسانية في كثير من الأحايين
ولا أعرف بالضبط متى تثور في صدري هذه المعاني: فقد تثور للشعور بالتقصير حين أتذكر تخلفي عن أداء بعض الواجبات كالذي وقع يوم أهملت التنويه بكتاب (الأدب المصري الإسلامي) للأستاذ محمد كامل حسين، مع أن هذا الكتاب قدَّم إلى عقلي فنوناً من الأريحية حين حسبتُ نفسي على قراءته خمس ليال متواليات، وكالذي وقع حين قّصرت بكتاب الدكتور طه بك حسين عن أبي العلاء في سجنه، مع أني قرأته في سهرة واحدة وقيدت بهوامشه ملاحظات كانت خليقة بأن تفتح للقراء باباً من الدرس والتحقيق
وهل أنسى أني فرطت في التنويه بكتاب الأستاذ سعيد العريان عن حياة الرافعي، وهو كتاب شُتِمتُ فيه بغير حق لأني كنت قلت إن العريان لا يدرك أسرار الحب ولا يفهم أين يقع مثل قلبٌ الرافعي حين ينحدر في هواه؟ وكيف يدرك العريان هذه الدقائق وهو لا يصل إلى (شبرا) إلا بدليل مع أن عمله هناك؟!
وكيف أغفر لنفسي السكوت عن الأستاذ عبد المتعال الصعيدي وقد اجترأ على الدخول بيني وبين الأستاذ أحمد أمين والدكتور طه حسين؟ كان هذا الأستاذ جديراً بالالتفات إليه حين أنكر عليّ أن أقول:(إن أبا نواس في فجوره أشعر من أبي العتاهية في تقواه)؟ ولو أني التفت إليه لخلقت فرصة لتحديد الصلات بين الأدب والدين
وفاتني، مع الأسف، أن أتحدث عن كلمة قالها رفعة رئيس الوزارء يوم جمع مديري الأقاليم بمكتبه في وزارة الداخلية: فقد نبههم إلى مراعاة الكفاية قبل مراعاة الأقدمية في ترقية الموظفين، وأعلن بصراحة أن التقيد بالأقدمية يعطل مواهب الأكفاء، ويروض