للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حركات الإصلاح الإسلامية]

٣ - أزمة إسلامية

للدكتور علي حسن عبد القادر

دكتور في الفلسفة والعلوم الإسلامية من جامعة برلين

ومدرس بكلية الشريعة

تقوم على قمة حركات الإصلاح الحديثة شخصية ليس لها في الواقع دخل أو اتصال مباشر بالحركة الوهابية التي أسلفنا الكلام عنها، وقد وصف الشخصية بحق جولد زيهر (بأنها صورة غريبة ظهرت في الإسلام أثناء القرن التاسع عشر).

ذلك هو جمال الدين الأفغاني (١٨٣٨ - ١٨٥٧) (الذي كان فيلسوفاً، وأديباً، خطيباً، صحافياً، وفوق هذا كله كان. . . سياسياً) والذي قال عنه براون في كتابه الثورة الفارسية: (بأنه أثر خالد باق على الأجيال)

ولقد رحل جمال الدين من أفغانستان وجاب العالم الإسلامي وأوربة؛ بل ومن الممكن أيضاً أن يكون قد جاب بلاد أمريكا!

وهو يعتبر - بدون شك - أباً لأفكار الجامعة الإسلامية:

أن لا نخلط بين أغراض هذه الجامعة وبين ما كان يحاوله عبد الحميد من انقلاب في السياسة العملية. ومن الحق أن نقول: إنه كان أول من دعا إلى اتحاد ساسة للمسلمين في وجه أطماع الغرب. ولكنه كان مع ذلك يحس في قرارة نفسه بالحاجة الماسة لبناء جديد من العالم الإسلامي تدخل فيه عناصر حرة، ويقطع ما بينه وبين التقاليد الموروثة من صلات وأواصر. ونظراً إلى أن جمال الدين الأفغاني كان ذا نزعة صحفية، وكانت له وجهة نظر سياسية في الغالب تؤثر فيه، ونظراً إلى أنه لم يكتب كثيراً، فإنه من الصعب أن نحقق تأثير هذه الشخصية الهائلة فيمن حولها. ورغماً مما أثاره في الغرب من ضجيج، فإنه من الصعب أن نستشف دخيلة نفسه ولن يحصل هذا أيضاً، فإننا لا نعرف من أين جاءته هذه الدوافع. بل أنه لم تصلنا تأثيراته في شكل محدد لأن تأثيره كان في الغالب في ثوب المعلم والمحرك أكثر مما هو في ثوب الكاتب؛ ولهذا فإنه من الخير لنا أن نحكم على الثمار التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>